للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيا أخي الحبيب: يا من تعصي الله تصور نفسك لو كنت من أهل النار؟ هل سترضى بشيء من هذا العذاب؟ لا أعتقد ذلك، إذاً فتب إلى الله وارجع عما يكرهه وتقرب إليه بالأعمال الصالحة عسى أن يرضى عنك، وابك من خشيته عسى أن يرحمك ويقيل عثراتك، فإن الخطر عظيم والبدن ضعيف، والموت منك قريب، والله جل جلاله مُطَلِّعٌ عليك ويراك فاستحِ منه وأجِّله ولا تَسْتَخِّف بنظره إليك، ولا تستهين بمعصيته ولا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من تعصيه وهو الله جل جلاله وتقدست أسماؤه، واملأ قلبك من خشيته قبل أن يأخذك بغتة، ولا تتعرض له وتبارزه بالمعاصي فإنك لا طاقة لك بغضبه ولا قوة لك بعذابه، ولا صبر لك على عقابه، فتدارك نفسك قبل لقائه لعله أن يرحمك ويتجاوز عنك، واعلم أنه من أيقن الموت خاف الفوت، فكأنك بالموت قد نزل بك وحينها لا ينفعك ندم ولا استدراك ما مضى.

• أعظم عذاب أهل النار حجابهم عن الله تعالى:

وأعظم عذاب أهل النار حجابهم عن الله عز وجل وإبعادهم عنه وإعراضه عنهم وسخطه عليهم كما أن رضوان الله على أهل الجنة أفضل من كل نعيم الجنة وتجليه لهم ورؤيتهم إياه أعظم من جميع أنواع نعيم الجنة.

قال تعالى: (كَلاّ بَلْ رَانَ عَلَىَ قُلُوبِهِمْ مّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * كَلاّ إِنّهُمْ عَن رّبّهِمْ يَوْمَئِذٍ لّمَحْجُوبُونَ * ثُمّ إِنّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمّ يُقَالُ هََذَا الّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ) [المطففين ١٤ - ١٧]

فذكر الله تعالى ثلاثة أنواع من العذاب حجابهم عنه ثم صليهم الجحيم ثم توبيخهم بتكذيبهم به في الدنيا ووصفهم بالران على قلوبهم وهو صدأ الذنوب الذي سود قلوبهم فلم يصل إليها بعد ذلك في الدنيا شيء من معرفة الله ولا من إجلاله ومهابته وخشيته ومحبته فكما حجبت قلوبهم في الدنيا عن الله حجبوا في الآخرة عن رؤيته وهذا بخلاف حال أهل الجنة قال تعالى: (لّلّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَىَ وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلّةٌ أُوْلََئِكَ أَصْحَابُ الْجَنّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [يونس: ٢٦]

والذين أحسنوا هم أهل الاحسان، والإحسان أن يعبد العبد ربه كأنه يراه كما فسره النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سأله عنه جبريل عليه السلام فجعل جزاء الإحسان الحسنى وهو الجنة والزيادة وهي النظر إلى وجه الله عز وجل كما فسره بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما في الحديث الآتي:

<<  <  ج: ص:  >  >>