(النوع الثالث: وقوف همته عند الخدمة. وذلك علامة ضعفها وقصورها. فإن العبد المحض لا تقف همته عند الخدمة. بل همته أعلى من ذلك؛ إذ هي طالبة لرضا مخدومه. فهو دائما مستصغر خدمته له. ليس واقفا عندها. والقناعة تحمد من صاحبها إلا في هذا الموضع. فإنها عين الحرمان. فالمحب لا يقنع بشيء دون محبوبه، فوقوف همة العبد مع خدمته وأجرتها: سقوط فيها وحرمان.
(فصلٌ في منزلة التوكل:
[*] (عناصر الفصل:
(تعريف التوكل:
(حقيقة التوكل:
(الفرق بين الحسب والتأييد:
(تحقيق مراتب التوكل:
(الأمور التي تضاد التوكل:
(فضائل التوكل:
(حكم التوكل:
(صورٌ من توكل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
(صورٌ مشرقة للمتوكلين على الله:
وهاك تفصيل ذلك في إيجازٍ غيرِ مُخِّل:
(تعريف التوكل:
(التوكلُ هو: صدقُ الاعتماد على الله تعالى في جلب النفعِ أو دفع الضُرِ، وذلك بالأخذِ بالأسبابِ المشروعة دون التعلقِ بها ثم الرضا بالمقضي.
{تنبيه}: (لا يتمُ التوكلُ إلا بشيئين أساسيين:
(١) التفويضُ قبل حدوثِ المقضي: فبعد أن يصدُق الإنسان في اعتماده على الله يُفَوِّضُ أمره إلى الله تعالى بمعنى أنه يُلقي أمره إلى الله يُصَرِّفْه كيف يشاء.
(٢) الرضا بعد حدوث المقضي: فمن لم يرضى بالمقضي فتوكله فاسد، ولذا يحسن بالإنسان أن يقول بعد تحقيقِ أسبابِ التوكل [اللهم إنا فوضنا أمرنا إليك راضِين بما قضيت فاقدر لنا الخيرَ حيث كان]
{تنبيه}: (من لم يأخذ بالأسبابِ المشروعةِ فتوكله فاسد، فمثلاً لو أن إنسان زعم أنه صدق في اعتماده على الله تعالى في حصولِ الولد ولكنه لم يتزوج فهل يُعَدُ هذا متوكلاً على الله؟ بالطبع لا، ليس هذا توكلاً إنما هذا سفهٌ وحماقة.
ولعل أوضح حديثٍ يبين ُ التوكلَ بشقَيْه قبل حدوث المقضي وبعده هو حديث الاستخارة.
(حديثُ جابر في صحيح البخاري) قال كان رسولُ الله يُعلمُنا الاستخارة في الأمورِ كلها كالسورةِ من القرآن، إذا همَّ أحدكم بالأمرِ فليركع ركعتين من غيرِ الفريضةِ ثم يقول: اللهم إني أستخِيرُك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدرُ ولا أقدرُ وتعلمُ ولا أعلمُ وأنت علاَّمُ الغيوب، اللهم إن كنت تعلمُ أن هذا الأمرَ خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبةِ أمري _ أو قال عاجل أمري وآجله _ فاقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمرَ شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبةِ أمري فاصرفْه عني واصرفني عنه ثم ارضِني به، ويُسَمِّي حاجته.