هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي، الإمام المجمع على إمامته وجلالته، سمع هشام بن عروة ويحيى الأنصاري وسليمان التيمي والأعمش وجماعات غيرهم من التابعين وأتباع التابعين، الإمام المحدث أمير المؤمنين، قالوا عنه: الزاهد العابد، الفقيه المجاهد، ثم قالوا عنه: شيخ الإسلام، من أئمة تابعي التابعين، من أئمة الهدى وأعلام التقى ومصابيح الدجى، من حلية الأولياء وأعلام النبلاء، الأضواء اللامعة والنجوم الساطعة، من حراس العقيدة وحماة السنة وأشياع الحق وأنصار دين الله عز وجل، حاملُ لواء السنة وناصرها وقامع البدعة ودامغها، كان الكتاب والسنة له كالجناحين للطائر يتمسك بهما ويعضُ عليهما بالنواجذ، كان رحمه الله تعالى شهاباً ثاقباً ونجماً ساطعاً وبدراً طالعاً وسهماً نافذاً، وكان كوكبَ نُظَرَائه وزهرةَ إخوانه، تفوح منه علامات اليُمْنِ وأمارات الخير ورائحة التوفيق والسداد، واحد زمانه، وإمام عصره وأوانه، العالم الحبر، ذو الأحلام والصبر، العلم حليفه، والزهد أليفه، كان رحمه الله تعالى خزانة علم فكان علمه واسعاً مباركا كالغيث من السماء أينما حل نفع، يتفجَّرُ العلمُ من جوانبه، وتنطِق الحكمةُ من نواحيه، لا يُشَقُ له غُبارٌ في غزارة علمه ودقة استنباطه للفوائد والأحكام وسعة فقهه ومعرفته بأسرار اللغة العربية وبلاغتها، وكان رحمه الله ذا همةٍ عاليةٍ تناطح السحاب في طلب العلم فكان يُقْبِلُ على طلب العلم إقبالَ الظامئ على الموردِ العذب فقد أفنى جلَّ عمره في طلب العلم فكان إماماً يقتدى به في ذلك وكان مناراً عظيماً من منارات العلم، مناراً راسي القواعد مُشَيَّدَ الأركان ثابتَ الوطائد، الإمام اللبيب، ذو اللسان الخطيب، الشهاب الثاقب، والنصاب العاقب، صاحب الإشارات الخفية، والعبارت الجلية، ذوالتصانيف المفيدة، والمؤلفات الحميدة، الصوَّام القوَّام، الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة، صاحب الأخلاق الرضية، والمحاسن السنية، العالم الرباني المتفق على علمه وإمامته وجلالته وزهده وورعه وعبادته وصيانته في أقواله وأفعاله وحالاته، كان رحمه الله تعالى سراج العباد، ومنار البلاد، رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً تعمُ أرجائه، وتغمده برحمةٍ فوق ما يخطر ببال أو يدور في الخيال، وأنعم عليه برضا الكبير المتعال إنه وليُ ذلك والقادرُ عليه.