للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال السلمي: أما الأخبار في عذاب القبر فبالغة مبلغ الاستفاضة منها قوله صلى اللّه عليه وسلم في سعد بن معاذ لقد ضغطته الأرض ضغطة اختلفت لها ضلوعه قال أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلم ننقم من أمره شيئاً إلا أنه كان لا يستبرئ في أسفاره من البول هكذا ذكره القرطبي عنه ثم قال: فقوله صلى اللّه عليه وسلم ثم خرج عنه دليل على أنه جوزي على ذلك التقصير لا أنه يعذب بعد ذلك في قبره هذا لا يقوله إلا شاك في فضيلته وفضلة ونصيحته وصحبته أترى من اهتز له عرش الرحمن كيف يعذب في قبره بعد ما فرج عنه؟ هيهات لا يظن ذلك إلا جاهل بحقه غبي بفضيلته وفضله اهـ. وأخرج الحكيم عن جابر بن عبد اللّه قال: لما توفي سعد بن معاذ ووضع في حفرته سبح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم كبر وكبر القوم معه فقالوا: يا رسول اللّه لم سبحت قال: هذا العبد الصالح لقد تضايق عليه قبره حتى فرجه اللّه عنه فسئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن ذلك فقال: كان يقصر في بعض الطهور من البول اهـ بحروفه. قال الحكيم: فإن قيل الذي يهتز العرش لموته كيف يضيق عليه قلنا هذا خبر صحيح وذاك صحيح وإنما سبب ضم القبر أنه كان يقصر في بعض الطهور فكان القوم لا يستنجون بالماء بل بالأحجار فلما نزل فيه {رجال يحبون أن يتطهروا} ففشا فيهم الطهور بالماء فمنهم من استنجى بالماء ومنهم من استمر على الحجر فأهل الاستقامة يردون اللحود وقد يكون فيهم خصلة عليهم فيها تقصير فيردون اللحد مع ذلك التقصير غير نازعين عنه وليس ذلك بذنب ولا خطيئة فيعاتبون في قبورهم عليه فتلك الضمة نالت سعداً مع عظيم قدره لكونه عوتب في القبر بذلك التقصير فضم عليه ثم فرج ليلقى اللّه وقد حط عنه دنس ذلك التقصير مع كونه غير حرام ولا مكروه.

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

لو نجا أحد من ضمة القبر لنجا هذا الصبي.

[*] (مرت عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها بجنازة صغير فبكت وقالت: بكيت لهذا الصبي شفقة عليه من ضمة القبر.

[اجتماع أعمال الميت عليه من خير وشر ومدافعتها عنه:]

(حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد: يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله ويبقى عمله.

<<  <  ج: ص:  >  >>