وهذا رفيق دربهم وثالث أئمتنا الشيخ ابن عثيمين، يلقى ربه - إن شاء الله - ولم يترك فنّاً إلا وشرحه وبيَّنه، وله آلاف الفتاوى والأشرطة، ومئات الطلبة بل آلاف منهم من تتلمذ عليه مباشرة ومنهم من تتلمذ على أشرطته، ألان للناس الفقه، فقرأ الناس الفقه وفهموه بعد كان لا يجرؤ عليه إلا الخاصَّة.
يموت الشيخ وهو صاحب همَّة عالية، لم يمنعه مرض من إفتاء، ودروس، وخطبة جمعة، لم يبع دينه بعرض من الدنيا، أتته الدنيا وهي راغمة فركلها برجله، وُهبت له أبنيةٌ فجعلها وقفاً على طلبة العلم، وأُعطي الأموال الطائلة فجعلها للنفقة عليهم، أفتى ودرَّس الطلبة والمعتمرين والحجاج، لم تأت عليه سنة إلا وفيها عدة عُمَرٍ وحجة، كان فيها العابد والمعلِّم والمربِّي والمنفق في سبيل الله.
أمثلُ هذا يُبكَى عليه؟؟
إخواني:
إنما يُبكى على من مات مقصِّراً لاهياً تاركاً أمر الله، أما من مات على عقيدة صحيحة، ومنهج صحيح، وتعليم وتوجيه وتربية: فهنيئاً له هذه الميتة مع كثرة فتن هذا الزمان.
أسألكم بالله ألا تحبون أن تموتوا على مات عليه هؤلاء الأئمة؟؟
فلم لا نعمل عملهم؟ ولا نقدم لأنفسنا مثل ما قدَّموا؟؟
وإنه وإن في القلب لوعة وحسرة على فقدان أئمة الهدى، فإن فيه فرحاً بأنهم يقدمون على ربٍّ غفور رحيم كريم، أسأله سبحانه أن يجزل لهم المثوبة وأن يسكنهم الفردوس، وأن يبدلنا خيراً منهم، وأن يلحقنا بهم على خير.
والحمد لله أولاً وآخراً
أ. هـ
[{الخاتمة}:]
اعلموا أحبتي في الله تعالى " أن الله تعالت صفاته، وتقدست أسماؤه، يختص من أحب ممن آمن به وتوكل عليه لحملة دينه ونشر سنة نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيتفضل عليهم فيعلمهم الكتاب والحكمة، ويفقههم في الدين، ويعلهم التأويل ويرفعهم بالعلم ويزينهم بالحلم "(١).
وهذه الكوكبة من العلماء التي دونّا سيرهم الموجزة ممن أختارهم الله لحملة دينه ونشر هدي وسنة نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما كان عليّه السلف الصالح من أخلاق وآداب وسنن - نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحد.
(١) أخلاق العلماء - للإمام المحدث أبي بكر الآجري - المتوفي ٣٦٠هـ - بتصرف