[*] وقد كان مكحول الدمشقي إذا رأى جنازة قال: اغدوا فإنا رائحون، موعظة بليغة وغفلة سريعة، يذهب الأول، والآخر لا عقل له، وكان عثمان إذا شيع الجنازة ووقف على القبر بكى، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي إذا وقفت على القبر؟ فقال: سمعت رسول الله يقول: إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه صاحبه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد.
[(٥) التفرغ للآخرة والإقبال على طاعة الله وإعمار الأوقات بالذكر وتلاوة القرآن.]
إن نصيب الإنسان من الدنيا عمره، فإن أحسن استغلاله فيما ينفعه في دار القرار ربحت تجارته، وإن أساء استغلاله في المعاصي والسيئات حتى لقي الله على تلك الخاتمة السيئة فهو من الخاسرين، وكم حسرة تحت التراب والعاقل من حاسب نفسه قبل أن يحاسبه الله، وخاف من ذنوبه قبل أن تكون سببا في هلاكه، لذا يجب على الإنسان أن يغتنم عمره بإشغاله في الأعمال الصالحة، فاليوم عملٌ ولا حساب وغداً حسابٌ ولا عمل، الدنيا ساعة فاجعلها طاعة والنفس طماعة فالزمها القناعة.
[*] قال الإمام الشافعي رحمه الله:
الوقت كالسيف أن لم تقطعه قطعك فبادر أنت فاقطعه في:- طاعة الله.
وأبواب طاعة الله تعالى كثيرة ومتنوعة مثل: - صلاة النافلة. - قراءة القرآن. - الذكر والدعاء. - الوعظ والإرشاد. - قراءة الأحاديث النبوية. - تشييع الجنائز. - صلة الرحم. - عيادة المريض. - الصدقات. - قيام الليل. - صيام التطوع. - الجهاد في سبيل الله. - إغاثة الملهوف في تفريج كربة مكروب. - إدخال السرور على قلب أخيك المسلم - نصرة مظلوم. - إفشاء السلام بالمصافحة والكلمة الطيبة. - تبسمك في وجه أخيك فإنه صدقة.
نعم في مثل هذه الأعمال ينبغي أن تقطع فراغك وتشغل وقتك إذا أردت لنفسك حياة سعيدة في الفردوس الأعلى من الجنة.
ولقد كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتفقد أحوال أصحابه رضوان الله تعالى عليهم ويسألهم عن قيامهم بأفعال الخير المختلفة كما في الحديث الآتي:
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من أصبح منكم اليوم صائما قال أبو بكر رضي الله عنه أنا قال فمن تبع منكم اليوم جنازة قال أبو بكر رضي الله عنه أنا قال فمن أطعم منكم اليوم مسكينا قال أبو بكر رضي الله عنه أنا قال فمن عاد منكم اليوم مريضا قال أبو بكر رضي الله عنه أنا فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما اجتمعن في امرئٍ إلا دخل الجنة.