[*] وقال السخاوي في ختمه على النسائي (ص٦١): وقد سئل شيخنا ـ رحمه الله ـ عن ذكر النسائي لبعض الأئمة في ضعفائه، فأجاب بقوله: (النسائي من أئمة الحديث، والذي قاله إنما هو بحسب ما ظهر له وأدَّاه إليه اجتهاده، وليس كل أحدٍ يؤخذ بجميع قوله سيما وقد وافق النسائي في مطلق القول جماعة.
ومن تشدده في الرجال أنه تجنب إخراج أحاديث جماعة ممن أخرج لهم صاحبا الصحيحين، مثل: إسماعيل بن أبي أويس، بل إن الدارقطني جمع مصنفا في أسماء الرواة الذين ضعفهم النسائي وأخرج لهم الشيخان في صحيحيهما.
وقد صرح النسائي بأنه لا يترك حديث الراوي حتى يجمع الجميع على تركه، وهذا في الظاهر مذهب متسع كما قال ابن منده، وليس كذلك بل مقصوده إجماعاً خاصاً كما بين ابن حجر؛ وهو أن كل طبقة لا تخلو من متشدد ومتوسط، فالنسائي لا يترك حديث الراوي حتى يجمع علماء الطبقة الواحدة على تركه .. مثال ذلك: أنه أخرج حديث عبد الله بن عثمان بن خيثم ثم قال: " ابن خيثم ليس بالقوي في الحديث، ويحيى بن سعيد القطان لم يترك ابن خيثم ولا عبد الرحمن ـ يعني ابن مهدي ـ إلا أن علي بن المديني قال: ابن خيثم منكر الحديث". فهذا الراوي مختلف فيه، فلذلك أخرج حديثه لأنه لم يجمع الجميع تركه.
وقد نصَّ ابن حجر في تهذيب التهذيب على أن النسائي من المتشددين في الجرح والتعديل.
[وفاة النسائي رحمه الله تعالى:]
[*] قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ: سمعت علي بن عمر يقول كان أبو عبد الرحمن النسائي أفقه مشايخ مصر في عصره وأعرفهم بالصحيح والسقيم من الآثار وأعلمهم بالرجال فلما بلغ هذا المبلغ حسدوه فخرج إلى الرملة، فسئل عن فضائل معاوية فأمسك عنه فضربوه في الجامع، فقال: أخرجوني إلى مكة فأخرجوه إلى مكة وهو عليل وتوفي بها مقتولا شهيدا قال الحاكم أبو عبد الله: ومع ما جمع أبو عبد الرحمن من الفضائل رزق الشهادة في آخر عمره.
[*] روى أبو عبد الله بن مندة: عن حمزة العقبي المصري وغيره أن النسائي خرج من مصر في آخر عمره إلى دمشق فسئل بها عن معاوية وما جاء في فضائله فقال لا يرضى رأسا برأس حتى يفضل قال فما زالوا يدفعون في حضنيه حتى أخرج من المسجد ثم حمل إلى مكة فتوفي بها كذا قال وصوابه إلى الرملة.