وأدركت أم المؤمنين أنها تعجلت الأمور فغادرت البصرة إلى البيت الحرام فالمدينة، نافضة يديها من هذا الصراع، وزوّدها الإمام علي في رحلتها بكل وسائل الراحة والتكريم .. وحين كان عليّ يستعرض شهداء المعركة راح يصلي عليهم جميعا، الذين كانوا معه، والذين كانوا ضدّه و لما رأى على طلحة مقتولاً جعل يمسح التراب عن وجهه و قال: عزيز علي أبا محمد أن أراك مجولاً تحت نجوم السماء ثم قال: إلى الله أشكو عجري و بجري و ترحم عليه وقال: ليتني من قبل هذا اليوم بعشرين سنة و بكى هو وأصحابه عليه ولما فرغ من دفن طلحة، والزبير، وقف يودعهما بكلمات جليلة، اختتمها قائلا: إني لأرجو أن أكون أنا، وطلحة والزبير وعثمان من الذين قال الله فيهم: ونزعنا ما صدورهم من غلّ إخوانا على سرر متقابلين، ثم ضمّ قبريهما بنظراته الحانية الصافية الآسية وقال: سمعت أذناي هاتان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: طلحة والزبير، جاراي في الجنّة.
[*] سيرة الزبير بن العوام - رضي الله عنه - و صورٌ من زهده:
وسوف نتناول شيئين أساسيين في هذه السيرة العطرة وهما:
أولاً: لمحات من سيرة الزبير ابن العوام - رضي الله عنه -:
ثانياً: صورٌ مشرقة من زهد الزبير ابن العوام - رضي الله عنه -:
وهاك تفصيل ذلك:
أولاً: لمحات من سيرة الزبير ابن العوام - رضي الله عنه -:
[*] قال عنه الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء:
وقرينه الزبير بن العوام، الثابت القوام، صاحب السيف الصارم، والرأي الحازم، كان لمولاه مستكيناً، وبه مستعيناً، قاتل الأبطال، وباذل الأموال.
مدح حسان بن ثابت الزبير، فقال في مديحه للزبير:
فكم كربة ذب الزبير بسيفه ... عن المصطفي والله يعطي ويجزل
فما مثله فيهم ولا كان قبله ... وليس يكون الدهر مادام يذبل
ثناؤك خير من فعال معاشر ... وفعلك يا بن الهاشمية أفضل