للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَالِي وَلِلدُّنْيَا) قَالَ الْقَارِي: مَا نَافِيَةٌ أَيْ لَيْسَ لِي أُلْفَةٌ وَمَحَبَّةٌ مَعَ الدُّنْيَا وَلَا لِلدُّنْيَا أُلْفَةٌ وَمَحَبَّةٌ مَعِي حَتَّى أَرْغَبَ إِلَيْهَا، وَأَنْبَسِطُ عَلَيْهَا وَأَجْمَعُ مَا فِيهَا وَلَذَّتِهَا أَوِ اسْتِفْهَامِيَّةٌ أَيْ: أَيُّ أُلْفَةٍ وَمَحَبَّةٍ لِي مَعَ الدُّنْيَا أَوْ أَيُّ شَيْءٍ لِي مَعَ الْمَيْلِ إِلَى الدُّنْيَا أَوْ مَيْلِهَا إِلَيَّ فَإِنِّي طَالِبُ الْآخِرَةِ وَهِيَ ضَرَّتُهَا الْمُضَادَّةُ لَهَا. قَالَ وَاللَّامُ فِي لِلدُّنْيَا مُقْحَمَةٌ لِلتَّأْكِيدِ إِنْ كَانَ الْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ وَإِنْ كَانَ لِلْعَطْفِ فَالتَّقْدِيرُ مَالِي مَعَ الدُّنْيَا وَمَا لِلدُّنْيَا مَعِي

({اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا} (١)) وَجْهُ التَّشْبِيهِ سُرْعَةُ الرَّحِيلِ وَقِلَّةُ الْمُكْثِ وَمِنْ ثَمَّ خَصَّ الرَّاكِبَ.

(حديث أبي بردة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) قال * دخلت على عائشة فأخرجت إلينا إزارا غليظا مما يصنع باليمن وكساء من التي يسمونها الملبدة قال فأقسمت بالله إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبض في هذين الثوبين.

[*] قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:

الملبدة: قال العلماء الملبد بفتح الباء وهو المرقع، يقال: لبدت القميص ألبده بالتخفيف فيهما، ولبدته ألبده بالتشديد، وقيل هو الذي ثخن وسطه حتى صار كاللبد.

[*] وقال الحسن: أدركت سبعين من الأخيار ما لأحدهم إلا ثوبه وما وضع أحدهم بينه وبين الأرض ثوباً قط: كان إذا أراد النوم باشر الأرض بجسمه وجعل ثوبه فوقه.

- خامساً بيان الزهد في المنكح:

لا معنى للزهد في أصل النكاح ولا في كثرته، وإليه ذهب سهل بن عبد الله وقال: قد حبب إلى سيد الزاهدين النساء فكيف تزهد فيهن؟ ولا شك أن النبي إمام العابدين وسيد الزاهدين وهو - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يفعل إلا الأفضل وكان أزهد الصحابة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان له أربع نسوة وبضع عشرة سرية.

- سادساً بيان الزهد في المال والجاه:


(١) - سنن أبي داود اللباس (٤١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>