للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدور عليهم الخدم بأواني الطعام الفضيَّة، وأكواب الشراب من الزجاج، زجاج من فضة، قدَّرها السقاة على مقدار ما يشتهي الشاربون لا تزيد ولا تنقص، ويُسْقَى هؤلاء الأبرار في الجنة كأسًا مملوءة خمرًا مزجت بالزنجبيل، يشربون مِن عينٍ في الجنة تسمى سلسبيلا؛ لسلامة شرابها وسهولة مساغه وطيبه.

وقال الطبري: "وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ قَوْله: {تُسَمَّى سَلْسَبِيلَا} صِفَة لِلْعَيْنِ , وُصِفَتْ بِالسَّلَاسَةِ فِي الْحَلْق , وَفِي حَال الْجَرْي , وَانْقِيَادهَا لِأَهْلِ الْجَنَّة يَصْرِفُونَهَا حَيْثُ شَاءُوا , كَمَا قَالَ مُجَاهِد وقَتَادَة، وَإِنَّمَا عُنِيَ بِقَوْلِهِ {تُسَمَّى} تُوصَف. وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِإِجْمَاعِ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى أَنَّ قَوْله: {سَلْسَبِيلَا} صِفَة لَا اِسْم. (١)

{تنبيه}: (في الجنة عينان:

الأولى عين الكافور: قال تعالى: (إِنّ الأبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللّهِ يُفَجّرُونَهَا تَفْجِيراً) [الإنسان ٥: ٦]

وهذه العين يشرب منها المقربون الماء الخالص. وأما الأبرار فيشربونه ممزوجاً.

والثانية عين التسنيم: قال تعالى: (إِنّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الأرَآئِكِ يَنظُرُونَ * على الأرائك ينظرون تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِن رّحِيقٍ مّخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرّبُونَ) [المطففين ٢٢: ٢٨]

[طعام أهل الجنة وشرابهم ومصرفه:]

قال تعالى: (وَلَحْمِ طَيْرٍ مّمّا يَشْتَهُونَ) [الواقعة: ٢١]

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن طير الجنة كأمثال البخت ترعى في شجر الجنة فقال أبو بكر يا رسول الله إن هذه لطيرٌ ناعمة فقال: أَكَلَتْهَا أنْعَمَ منها قالها ثلاثا وإني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها.

[*] (أورد ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه حادي الأرواح عن قتادة عن أيوب رجل من أهل البصرة عن عبد الله بن عمرو في قوله تعالى: (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ) [الزخرف: ٧١]


(١) - تفسير الطبري - (ج ٣٢ / ص ٣١)

<<  <  ج: ص:  >  >>