[*] وقال يحيى بن معاذ: " كيف لا أحب دنيا قُدر لى فيها قوت أكتسب به حياة، أدرك به طاعة، أنال بها الجنة ".
[*] وسُئل أبو صفوان الرعينى: ما هى الدنيا التى ذمها الله فى القرآن والتى ينبغى للعاقل أن يتجنبها؟، فقال: " كل ما أصبت فى الدنيا تريد به الدنيا فهو مذموم، وكل ماأصبت منا تريد به الآخرة فليس منها ".
[*] وقال الحسن: " نعمت الدار الدنيا كانت للمؤمن، وذلك أنه عمل قليلاً وأخذ زاده منها للجنة، وبئست الدار كانت للكافر والمنافق، وذلك أنه ضيع لياليه وكان زاده منها إلى النار ".
[*] قال عون بن عبد الله: " الدنيا والآخرة فى القلب ككفتى الميزان ما ترجح إحداهما تخف الأخرى ".
[*] وقال وهب:" إنما الدنيا والآخرة كرجل له امرأتان إذا أرضى إحداهما أسخط الأخرى.
[*] وقال أبو الدرداء: " لئن حلفتم لى على رجل أنه أزهدكم لأحلفن لكم أنه خيركم ".
[*] وقال رجل للتابعين: " لأنتم أكثر عملاً من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولكنهم كانوا خيراً منكم، كانوا أزهد فى الدنيا ".
[*] قول سعيد ابن المسيب في الدنيا:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن سفيان بن عيينة، قال: قال سعيد بن المسيب: أن الدنيا نذلة، وهي إلى كل نذل أميل، وأنذل منها من أخذها بغير حقها، وطلبها بغير وجهها، ووضعها في غير سبيلها.
[باب: أضرار حب الدنيا]
حب الدنيا أمره خطير وشره مستطير أشر من البرص وأضر من الجرب، حب الدنيا رأس كل خطيئة وأصل كل رزية ومنبع كل بلية، ... وحب الدنيا هو الذى عمّر النار بأهلها، الزهد فى الدنيا هو الذى عمّر الجنة بأهلها، والسكر بحب الدنيا أعظم من السكر بالخمر، فصاحبه لا ييق إلا فى ظلمة اللحد.
[*] قال يحيى بن معاذ: " الدنيا خمر الشيطان، من سكر منها فلا يفيق إلا فى عسكر الموتى نادماً بين الخاسرين "، وأقل ما فيها أنه يلهى عن حب الله وذكره، ومن ألهاه ماله فهو من الخاسرين، وإذا لهى القلب عن ذكر الله سكنه الشيطان، وصرفه حيث أراد ... ومن فقهه فى الشر أن يرضيه ببعض أعمال الخير ليريه أنه يفعل الخير.
ويقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: " ماأصبح أحد فى الدنيا إلا ضيف وماله عارية، فالضيف مرتحل والعارية مؤداة ".
وإنما كان حب الدنيا رأس الخطايا، ومفسداً للدين من وجوه:
أحدها: أن حبها يقتضى تعظيمها وهى حقيرة عند الله، ومن أكبر الذنوب تعظيم ما حقّر الله.