شيخنا رحمه الله كان أباً حانياً على تلاميذه، حريصاً عليهم غاية الحرص، كان - رحمه الله - يخصهم بعنايةٍ فائقةٍ من حيث تزويدهم بالعلم والجوانب العلمية، بل حتى في قضاء حوائجهم الخاصة فكان رحمه الله حريصاً على تهيئة المكان المناسب لهم وما يتعلق بذلك مما يحتاجون إليه، كان - رحمه الله - يرتب لهم مكافآت شهرية سوى ما يعطيهم لستر حوائجهم من شراء الكتب أو إنهاء المعاملات أو غير ذلك.
كان - رحمه الله - يحصي طلابَه ولاسيما الذين في السكن التابع له - رحمه الله - بلقاء شهري يفتتحه رحمه الله بكلمة توجيهية، ثم يطلب من الطلاب أن يكتبوا الملاحظات المتعلقة بمعاشهم، فإذا لم يكن عندهم شيء من ذلك أجاب على أسئلتهم التي يقدمونها إليه إما مباشرة أو غير ذلك، وبعد هذا يتناول معهم رحمه الله طعام العشاء على مائدة واحدة يتزاحمون على القرب منه، ولا يخلو المجلس من مداعباته يدخل بها السرور على تلاميذه ويشعرهم بقربه منهم وأنه لهم كالأب.
[مواقف محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى مع تلامذته:]
وقد كان الشيخ رحمه الله على علمٍ بأحوال تلامذته، يتفقد غائبهم، ويحرص على تفهيم حاضرهم، ويزود محتاجهم لما يريد من المال أو الكتب، وكان يكلف بعضهم بمراجعة الأحاديث أو تحرير بعض المسائل، وينظر في ذلك كله ويتابعه، بل كان يجعل بعضهم يدرِّس بعض المبتدئين.
ومن صور عِظَم خُلُقه ودينه أنه كان يعرض على بعضهم التزوج من بناته، فكان ذلك وتزوج بعضهم من بناته، فرحم الله ذلك الإمام.
وله مع تلامذته مواقف كثيرة يمكن تتبعها وجمعها في كتاب، سواء تمَّ جمعها من أشرطته أو من خلال تجميعها من أفواه تلامذته، وقد اخترت - لهذا الكتاب - موقفين:
(١) المعروف عن الشيخ - رحمه الله - الذكاء، وكان يتابع تلامذته أثناء الدرس حتى لا يشرد ذهن أحدهم فتضيع عليه الفائدة، وفي مرة رأى بعض تلامذته غير حاضرِ الذهن في الدرس، ويبدو أنه غير فاهم لما قاله الشيخ فشرد ذهنه، فأوقفه الشيخ!
الشيخ: هل أنت فاهم لما قلتُه؟
الطالب: إن شاء الله! يا شيخ.
الشيخ - ولم تمش عليه هذه العبارة! -: هل على رأسك " شماغ "؟!
الطالب: نعم! يا شيخ.
الشيخ: لمَ لمْ تقل: إن شاء الله؟!! لكن لما كنتُ غير فاهمٍ للدرس قلتَ:" إن شاء الله "، ولما كنتَ متأكداً من وجود " الشماغ " على رأسك جزمتَ ولم تقل إن شاء الله.