للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وختاماً أقول لك:

{«انتبه من غفلتك قبل أن تندم: هذا هو الدواء إن كنت تفهم».}

[باب أسباب شرح الصدور:]

من أفضل من كتب في هذا الباب الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى.

[*] قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:

فأعظم أسباب شرح الصدر:

(١) التوحيد: وعلى حسب كماله وقوته وزيادته يكون انشراح صدر صاحبه. قال الله تعالى: أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ [الزمر:٢٢]. وقال تعالى: فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء [الأنعام:١٢٥]

فالهدى والتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر، والشرك والضلال من أعظم أسباب ضيق الصدر وانحراجه.

(٢) ومنها: النور الذي يقذفه الله في قلب العبد ـ وهو نور الإيمان ـ فإنه يشرح الصدر ويوسعه، ويفرح القلب، فيصيب العبد من انشراح صدره بحسب نصيبه من هذا النور، وكذلك النور الحسي والظلمة الحسية، هذه تشرح الصدر، وهذه تضيقه، فإذا فقد هذا النور من قلب العبد ضاق وحرج، وصار في أضيق سجن وأصعبه.

{تنبيه}:• حديث: إذا دخل النور القلب انفسح وانشرح. قالوا: وما علامة ذلك يا رسول الله؟ قال: الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله. حديث ضعيف.

(٣) ومنها: العلم، فإنه يشرح الصدر ويوسعه حتى يكون أوسع من الدنيا، والجهل يورثه الضيق والحصر والحبس، فكلما اتسع علم العبد انشرح صدره واتسع، وليس هذا لكل علم، بل للعلم الموروث عن الرسول وهو العلم النافع، فأهله أشرح الناس صدرا، وأوسعهم قلوبا، وأحسنهم أخلاقا، وأطيبهم عيشا.

(٤) ومنها: الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى ومحبته بكل القلب، والإقبال عليه، والتنعم بعبادته، فلا شيء أشرح لصدر العبد من ذلك، حتى إنه ليقول أحيانا: إن كنت في الجنة في مثل هذه الحالة، فإني إذا في عيش طيب. وللمحبة تأثير عجيب في انشراح الصدر، وطيب النفس، ونعيم القلب، لا يعرفه إلا من له حس به، وكلما كانت المحبة أقوى وأشد، كان الصدر أفسح وأشرح، ولا يضيق إلا عند رؤية البطالين الفارغين من هذا الشأن، فرؤيتهم قذى عينه، ومخالطتهم حمى روحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>