للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وقد روي عنه من وجوه متعددة أنه قال في آخر خطبة خطبها - رحمة الله عليه - " ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين، ثم يرمها بعدكم الباقون كذلك حتى يرد إلى خير الوارثين، وفي كل يوم تشيعون غادياً ورائحاً قد قضى نحبه فتودعونه، وتدعونه في صدع من الأرض غير ممهد ولا موسد، قد فارقه الأحباب وخلع الأسباب وسكن التراب، وواجه الحساب، غنياً عما خلف، فقيراً إلى ما قدم.

وكان ينشد هذه الأبيات:

من كان حين تصيب الشمس جبهته ... أو الغبار يخالف الشين والشعثا

و يألف الظل كي تبقى بشاشته ... فكيف يسكن يوماً راغماً جدثاً

في ظل مقفرة غبراء مظلمة ... يطيل تحت الثرا في غمه اللبثا

تجهزي ... بجهاز ... تبلغين ... به ... يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثا

[*] (أورد الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه أهوال القبور عن

أن النصر بن المنذر قال لإخوانه: زوروا الآخرة بقلوبكم، وشاهدوا الموقف بتوهمكم، وتوسدوا القبور بقلوبكم، واعلموا أن ذلك كائن لا محالة، فاختار لنفسه امرؤٌ ما أحب من المنافع والضرر.

[*] (وأورد الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه أهوال القبور عن

مضر بن عيسى قال: رحم الله قوماً زاروا إخوانهم بقلوبهم في قبورهم وهم قيام في ديارهم، يشيرون إلى زيارتهم بالفكر في أحوالهم.

[*] (وأورد الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه أهوال القبور عن

هشام الدستوائي قال: ربما ذكرت الميت إذا كفن في أكفانه فأعظ نفسي.

(ولله درُ ابن المبارك حيث قال:

إن الذي ... دفن ... الأباعد ... و الأقربين صاعداً فصاعداً

عساك يوماً تذكر الملاحدا ... يا من يرمي أن يكون خالدا

شربت فاعلمه حديداً بارداً ... لا بد تلقى طيباً و زائداً

[أحوال السلف في تذكر القبور والتفكير في أحوالهم:]

لقد كان السلف الصالح رحمهم الله تعالى مثالاً يُحْتَذى به في تذكر القبور والتفكير في أحوالهم والاعتبار بهم، وهآنذا أذكر لك كلاماً حُقَّ له أن يُنْقَشَ على الصدور وأن يُكْتَبَ بماء الذهب من عمر ابن عبد لعزيز رحمه الله تعالى الذي ملأ الدنيا زهداً وكفافاً وقناعةً وعدلاً، ثم من كلام غيره من أئمة الهدى وأعلام التقى ومصابيح الدجى، من حلية الأولياء وأعلام النبلاء وحراس العقيدة وحماة السنة وأشياع الحق وأنصار دين الله عز وجل مثل الإمام ابن رجب وابن أبي الدنيا وغيرهم ممن ملأ الدنيا زهداً وكفافاً وقناعةً وعدلاً وعلماً وعملاً: (

<<  <  ج: ص:  >  >>