للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«والبصيرة في الأمر والنهي» وهي تجريده عن المعارضة بتأويل أو تقليد أو هوى فلا يقوم بقلبه شبهة تعارض العلم بأمر الله ونهيه ولا شهوة تمنع من تنفيذه وامتثاله والأخذ به ولا تقليد يريحه عن بذل الجهد في تلقى الأحكام من مشكاة النصوص.

وقد علمت بهذا أهل البصائر من العلماء من غيرهم.

«البصيرة في الوعد والوعيد»

وهي أن تشهد قيام الله على كل نفس بما كسبت في الخير والشر عاجلا وآجلا في دار العمل ودار الجزاء وأن ذلك هو موجب إلهيته وربوبيته وعدله وحكمته فإن الشك في ذلك شك في إلهيته وربوبيته بل شك في وجوده فإنه يستحيل عليه خلاف ذلك ولا يليق أن ينسب إليه تعطيل الخليقة وإرسالها هملا وتركها سدى تعالى الله عن هذا الحسبان علوا كبيرا.

فشهادة العقل بالجزاء كشهادته بالوحدانية ولهذا كان الصحيح: أن المعاد معلوم بالعقل وإنما اهتدى إلى تفاصيله بالوحي ولهذا يجعل الله سبحانه إنكار المعاد كفرا به سبحانه لأنه إنكار لقدرته ولإلهيته وكلاهما مستلزم للكفر به قال تعالى: (وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنّا تُرَاباً أَإِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلََئِكَ الّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأغْلاَلُ فِيَ أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلََئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ) [الرعد: ٥]

وفي الآية قولان:

أحدهما: إن تعجب من قولهم: "أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد" فعجب قولهم! كيف ينكرون هذا وقد خلقوا من تراب ولم يكونوا شيئا.

والثاني: إن تعجب من شركهم مع الله غيره وعدم انقيادهم لتوحيده وعبادته وحده لا شريك له فإنكارهم للبعث وقولهم: "أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد" أعجب.

وعلى التقديرين: فإنكار المعاد عجب من الإنسان وهو محض إنكار الرب والكفر به والجحد لإلهيته وقدرته وحكمته وعدله وسلطانه.

(فصلٌ في منزلة القصد:

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:

فإذا انتبه وأبصر أخذ في (القصد):وصدق الإرادة وأجمع القصد والنية على سفر الهجرة إلى الله وعلم وتيقن أنه لابد له منه فأخذ في أهبة السفر وتعبئة الزاد ليوم المعاد والتجرد عن عوائق السفر وقطع العلائق التي تمنعه من الخروج.

مسألة: ما هي درجات القصد؟

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:

وقد قسم صاحب المنازل (القصد) إلى ثلاثة درجات فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>