للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وأجْمِع اليأس عما في أيدي الناس) أي اعزم وصمم على قطع الأمل مما في يد غيرك من جميع الخلق فإنه يريح القلب والبدن. وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله قال الراغب: وأكثر ما يقال أجمع فيما يكون جمعا يتوصل إليه بالفكر نحو {أجمعوا أمركم وشركاءكم}

والإياس: القنوط وقطع الأمل

(تنبيه) من البين أن كلا من الكلام المحوح للعذر والإياس مما في أيدي الناس مأمور به لا بقيد القيام إلى الصلاة. أهـ

ومما أنشد بعض السلف:

إنا لنفرح بالأيام نقطعها ... وكل يوم مضى يدني من الأجل

فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً ... فإنما الربح والخسران بالعمل

[باب مجالسة الصالحين:]

ما أشد ضرورة العبد المسلم إلى المواعظ التي تثبت قلبه في زمن حار فيه الكثير من الناس فانغمسوا في القيم الهابطة التي غزت العقول و القلوب و المجتمعات ولا يتم ذلك إلا بمجالسة الصالحين، الذين بمجالستهم ترق القلوب سواء كان هذا شيخاً لك يعلمك الخير أو كان صديقاً يساعدك على ما يقربك إلى الله.

[*] قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:

وكانت مجالس النبي صلى الله عليه و سلم مع أصحابه عامتها مجالس تذكير بالله و ترغيب و ترهيب، إما بتلاوة القرآن أو بما آتاه الله من الحكمة و الموعظة الحسنة و تعليم ما ينفع في الدين كما أمره الله تعالى في كتابه أن يذكر و يعظ و يقص، و أن يدعوا إلى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة، و أن يبشر و ينذر وسماه الله قال تعالى: (يَأَيّهَا النّبِيّ إِنّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مّنِيراً) [الأحزاب ٤٥،٤٦] و التبشير و الإنذار هو الترغيب و الترهيب فلذلك كانت تلك المجالس توجب لأصحابها رقة القلوب و الزهد في الدنيا و الرغبة في الآخرة.

فالموعظة سبيل للهدى و الرحمة و الشفاء لما في الصدور كما قال تعالى: (يَأَيّهَا النّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مّوْعِظَةٌ مّن رّبّكُمْ وَشِفَآءٌ لّمَا فِي الصّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ) [يونس: ٥٧] لأجل ذلك أمر الله تبارك و تعالى بها نبيه عليه الصلاة و السلام فقال تعالى (َعِظْهُمْ وَقُل لّهُمْ فِيَ أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) [النساء:٦٣]

[*] وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>