السبب الأولى: عدم تحديد هدف من الحياة، والواجب على المسلم أن يعلم أن الهدف الذي خلقه الله عز وجل من أجله هو عبادته, كما قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦]، وليعلم أن هذه الدار دار عمل وليست دار راحة وعبث كما قال تعالى:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون: ١١٥] , فالدنيا مزرعة للآخرة إن زرعت فيها خيرا جنيت النعيم المقيم في جنات النعيم, وإن زرعت فيها شرا جنيت العذاب الأليم في ذلك اليوم العظيم، ومن المعلوم شرعاً وعقلاً وبداهةً أن من زرع الشوك لا يجني عنبا.
ولا يتنافى هذا مع التمتع بما أذن الله عز وجل فيه من هذه الدنيا, فقد قال تعالى:{وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}[القصص: ٧٧]،
والنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع كونه أخشى الناس وأتقاهم له لكنه كان يصلي وينام ويصوم ويفطر ويتزوج النساء كما في الحديث الآتي:
(حديث أنس الثابت في الصحيحين) جاء ثلاثةُ رهطٍ إلى بيوت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسألون عن عبادة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلما أخبروا كأنهم تقاُّلوها وقالوا: أين نحن من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أما أنا أصلي الليل أبداً، وقال آخر: وأنا أصوم الدهر أبداً، وقال آخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني.
السبب الثاني: الجهل بقيمة الوقت وأهميته، وهذا داء ٌ عضال ومرض قتَّال أمره خطير وشره مستطير أشر من البرص وأضر من الجرب كالسرطان يأكل الخلايا، ومثل السوس الذي ينخر عظامهم من الداخل، لأنه يضيع فرصة العمر هباءاً منثورا.
السبب الثالث: ضعف الإرادة والعزيمة, فكثير من الناس مدركون لأهمية الوقت وقيمته, ويعرفون ما ينبغي أن يملأ به الوقت من الأمور النافعة, ولكن بسبب ضعف عزيمتهم وإرادتهم لا يقومون بشيء من ذلك, فعلى المسلم أن يعالج هذا بالمسابقة والمبادرة إلى الأعمال الصالحة، والاستعانة على ذلك بالله عز وجل أولا ثم بالرفقة الصالحة.