(لله درَ أقوامٍ أطار ذكر النار عنهم النوم وطال اشتياقهم إلى الجنان الصوم فنحلت أجسادهم وتغيرت ألوانهم ولم يقبلوا على سماع العذل في حالهم واللوم دافعوا أنفسهم عن شهوات الدنيا بغد واليوم دخلوا أسواق الدنيا فما تعرضوا لشراء ولا سوم تركوا الخوض في بحارها والعوم ما وقفوا بالإِشمام والروم جدوا في الطاعة بالصلاة والصوم هل عندكم من صفاتهم شيء يا قوم.
[*] (أورد الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه المواعظ أن أُم الربيع ابن خيثم قالت لولدها: يا بني أَلا تنام قال: يا أُماه من جَنَّ عليه الليل وهو يخاف الثبات حق له أن لا ينام ٠ فلما رأت ما يلقى من السهر والبكاء قالت: يا بني لعلك قتلت قتيلاً قال: نعم قالت: ومن هذا القتيل حتى نسأل أهله فيغفرون فوالله لو يعلمون ما تلقى من السهر قيل لزيد بن مزيد: ما لنا لم نزل نراك باكياً وجلاً خائفاً فقال: إن الله توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار والله لو لم يتوعدني أن يسجنني إلا في الحمام لبكيت حتى لا تجف لي عبرة ٠
(وقال أيضاً: وكان آمد الشامي يبكي وينتحب في المسجد حتى يعلو صوته وتسيل دموعه على الحصى فأرسل إليه الأمير: إنك تفسد على المصلين صلاتهم بكثرة بكائك وارتفاع صوتك ولو أمسكت قليلا ً فبكى ثم قال: إن حزن يوم القيامة أورثني دموعاً غزاراً فأنا أستريح إلى ذرها.
وعوتب عطاء السلمي في كثرة البكاء فقال: إني إذا ذكرت أهل النار وما يُنزلُ بهم من عذاب الله تعالى مثلت نفسي بينهم فكيف لنفس تغلّ يدها وتسحب إلى النار ولا تبكي. أهـ
[حشر الناس حفاة عراة غرلا:]
يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا غير مختونين؛ لقوله تعالى: (كَمَا بَدَأنا أولَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) (الأنبياء/ ١٠٤).
(حديث عائشة في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: تحشرون حفاة عراة غرلا. قالت عائشة: الرجال والنساءُ ينظرُ بعضهم إلى بعض فقال: الأمرُ أشذُ من أن يهمهم ذلك.
[دنو الشمس من الخلق بقدر ميل أو ميلين:]
مسألة: اذكر الدليل على دنو الشمس من الخلق بقدر ميل أو ميلين؟
تدنو الشمس من الخلق بقدر ميل أو ميلين، فيعرق الناس بقدر أعمالهم، منهم من يصل عرقه إلى كعبيه، ومنهم من يلجمه، ومنهم من بين ذلك، ومن الناس من يسلم من الشمس، فيظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، مثل الشاب إذا نشا في طاعة الله، والرجل المعلق قلبه بالمساجد.