كان سعيد بن المسيب من أورع الناس فيما يدخل بيته وبطنه فيروى ابن سعد في الطبقات عن طلحة الخزاعي قال: كان في رمضان يؤتى بالأشربة في مسجد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فليس أحد يطمع أن يأتي سعيد بن المسيب بشراب فيشربه فإن أتى من منزله بشراب شربه وإن لم يؤت من منزله بشيءٍ لم يشرب شيئا حتى ينصرف، أما طعامه فهو بسيط يشمل في الغالب خبزا وزيتاً ولما حبس صنعت ابنته طعاما كثيرا فلما جاءه أرسل إليها قائلا: لا تعودي لمثل هذا أبدا فهذه حاجة هشام بن إسماعيل يريد أن يذهب مالي فأحتاج إلى ما في أيديهم وأنا لا أدرى ما أحبس فانظري إلى القوت الذي كنت آكل في بيتي فابعثي إلى به.
[(١٠) عظيم مراقبة سعيد بن المسيب لربه تعالى:]
إن من أعظم ما يدل على مراقبة سعيد بن المسيب لربه تعالى قوله الآتي:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن سعيد بن المسيب، يقول: يد الله فوق عباده فمن رفع نفسه وضعه الله، ومن وضعها رفعه الله. الناس تحت كنفه يعملون أعمالهم فإذا أراد الله فضيحة عبد أخرجه من تحت كنفه فبدت للناس عورته.
[(١١) خشية سعيد بن المسيب من الله تعالى:]
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن يحيى بن سعيد: أن سعيد بن المسيب كان يكثر أن يقول في مجلسه اللهم سلم سلم.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن يحيى بن سعيد، قال: دخلنا على سعيد نعوده ومعنا نافع بن جبير فقالت أم ولده إنه لم يأكل منذ ثلاث فكلموه فقال نافع بن جبير: إنك من أهل الدنيا ما دمت فيها ولا بد لأهل الدنيا مما يصلحهم فلو أكلت شيئاً، قال: كيف يأكل من كان على مثل حالنا هذه، بضعة يذهب بها إلى النار أو إلى الجنة، فقال نافع: ادع الله أن يشفيك فإن الشيطان قد كان يغيظه مكانك من المسجد، قال: بل أخرجني الله تعالى من بينكم سالماً.
[(١٢) استعفاف سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى:]
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عمران بن عبد الله بن طلحة، قال: دعي سعيد بن المسيب إلى نيف وثلاثين ألفاً ليأخذها، فقال: لا حاجة لي فيها ولا بني مروان حتى ألقى الله فيحكم بيني وبينهم.