وفي يوم من الأيام قال الأخ الأعزب لنفسه: إن من الظلم أن نتقاسم الإنتاج والأرباح بالتساوي، فأنا بمفردي واحتياجاتي بسيطة، بينما أخي ذو عائلة كبيرة واحتياجاته للمال والإنتاج أكثر، فكان يأخذ كيساً من الحبوب في كل ليلة من مخزنه ويزحف عبر الحقل من بين منازلهم، ويفرغ الكيس في مخزن أخيه دون أن يعلم، رغبة في مساعدة أخيه.
في نفس الوقت كان الأخ المتزوج يقول لنفسه: إنه ليس عادلاً أن نقتسم أنا وأخي الإنتاج والأرباح بالتساوي، إنني رجل متزوج ولدي زوجه وأطفال يرعونني في المستقبل، بينما أخي وحيد لا أحد يهتم به في المستقبل إن كبر، فكان يأخذ كل ليلة كيساً من الحبوب ويفرغه في مخزن أخيه لكي يستفيد منه ويزيد من أرباحه.
وظل الأخوان رغم ما يقومان به من إيثار لبعضهم متحيرين لسنين طويلة إذ ما عندهم من أكياس حبوب لا ينفذ أو يتناقص أبداً.
وفي ليلة مظلمة قام كل منهما بتفقد مخزنه، وحمل ما يستطيع منه ليضعه في مخزن أخيه كما تعود على ذلك، ففاجأهم قدر الله إذ التقيا وكل منهما يحمل على ظهره كيساً من الحبوب ليضعه في مخزن أخيه، فكانت مفاجأة سارة لكليهما، وأزالت الاستغراب، فلم يستطعا الوقوف طويلاً، فأسقطا أكياسهما وعانقا بعضهما.
(فصلٌ في منزلة حسن الخلق:
[*] (عناصر الفصل:
(تعريف الأخلاق:
(الأخلاق ومكانتها في الإسلام:
(أهمية الجانب الأخلاقي في منهج السلف:
(منزلة حسن الخلق وجزاؤه في الآخرة:
(أركان الأخلاق الحسنة:
(هل يمكن اكتساب الخلق الحسن:
(أسباب اكتساب حسن الخلق:
(علامات حسن الخلق:
(كيفية علاج ما اعوجّ من الأخلاق:
(اعتناء أهل العلم وكلامهم في الأخلاق:
وهاك تفصيل ذلك في إيجازٍ غيرِ مُخِّل:
(تعريف الأخلاق:
أما تعريف الخلق، فالخليقة هي: الطبيعة، كما قال ابن منظور رحمه الله في لسان العرب: وفي التنزيل: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم:٤] والجمع: أخلاق، ولا يكسر على غير ذلك، والخُلْق والخُلُق السجية، «والخُلُق هو الدين والطبع والسجية»، وحقيقته أنه لصورة الإنسان الباطنة ـ وهي نفسه ـ وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخَلْق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها، ولهما أوصاف حسنة وقبيحة.