من أجل هذا ما رحل علامة من علماء الإسلام إلا وقد ترك آثاراً إصلاحية وعلمية كبيرة ينهل من معينها الصافي المصلحون، ويجدّ في تحصيلها والغوص إلى دررها ومعانيها العالمون، وسيبقى أجرها جارياً لمن ورَّثها بإذن الله تعالى، وقد قال الله تعالى:(إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي المَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ)[يس: ١٢] أي: ما قدموا من الأعمال والآثار التي أثاروها وخلفوها من بعدهم، من علم ودعوة ودلالة على خير .. ،
[*] وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيهما واجعل لهما من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيهما من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا و من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء.
- وهاك نماذج من سير الزاهدين من العلماء المعاصرين:
[سيرة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:]
{تَقْدِمَة}: كان الدعاة والحكماء والبلغاء في تلك الفترة (١) كثير، ولكن قليل منهم المخلصين الذين انبثقت عقيدتهم ومنهجهم من منهج أهل السنة والجماعة، لذا " لما كان الحديث عن المصلحين والدعاة والمجددين، والتذكير بأحوالهم وخصالهم الحميدة، وأعمالهم المجيدة، وشرح سيرتهم التي دلت على إخلاصهم، وعلى صدقهم في دعوتهم وإصلاحهم، لما كان الحديث عن هؤلاء المصلحين المشار إليهم، وعن أخلاقهم وأعمالهم وسيرتهم، مما تشتاق إليه النفوس، وترتاح له القلوب، ويود سماعه كل غيور على الدين، وكل راغب في الإصلاح، والدعوة إلى سبيل الحق، رأيت أن أتحدث إليكم عن رجل عظيم ومصلح كبير، وداعية غيور، ألا وهو الشيخ المجدد للإسلام في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر من الهجرة النبوية ...
هو المصلح العظيم وباعث النهضة الإسلامية في العصر الحديث الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي.
(١) الفترة الواقعة ما بين (١١٠٠ هجري وحتى ١٤٢٥ هجري)