إن سيَّر العلماء العاملين المخلصين الربانيين هي صورة مشرقة ومثلاً أعلى يُحتذى به لكل من يعجبه الزهد والحلم، ويبحث عن الحكمة والكرم.، مع ما فيها بلسان الحال والمقال من منافحةٍ عن أهل العلم الذين جهلهم بعض المغرضين والحاقدين على دعوة أهل السنة والجماعة (دعوة السلف الصالح)، ليصل بهم المطاف وسوء والأدب أن يقولوا: إن الدعوة السلفية، دعوة حكام وسلاطين ومنافقين، ناهيك أن الغالب منهم سرعان ما اغتاب ونقص من قدر علماء السلف في عصرنا الحاضر، فمن المؤسف في زماننا هذا أن نرى بعض طلبة العلم ممن لا يُقًامُ لهم وزناً في العلم يتطاولون علماء السلف في عصرنا الحاضر مثل الشيخ الألباني ويجترئون عليه ويترقبون له الهفوات ويتصيدون له الأخطاء ويلتمسون العثرات ليشهروا به، وربّما يصل به الحدّ إلى الانتقاص من بعض العلماء الجبال الرواسي أمثال شيخ الإسلام أحمد بن تيميه وابن القيم الجوزية ... وربما ببعض التابعين،
وهذا - ولا شك - يدل على فسادِ النية وسوء الطوية وسقامةِ الضمائر ولؤم السرائر ويدل كذلك على أن قلبه أخلى من جوف البعير، إذ لو تعلم العلم لعلم أن من أدب العلم التوادَ فيه، ولقد كان ابن عباس - رضي الله عنهما - يأخذ بركاب زيد ابن ثابت - رضي الله عنه ـ ويقول هكذا أًمِرْنا أن نفعل بالعلماء، وكان الشافعي رحمه الله يقول لعبد الله ابن الإمام أحمد: أبوك من الستة الذين أدعو لهم كل يوم عند السحر، وأورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يحيى القطان قال: أنا أدعو الله للشافعي اخصه به، ولا أدري كيف سوَّلت لهم أنفسهم أن يتطاولوا على عالم صاحب حديث رسول الله أكثر من نصف قرن ولا أدري كيف يتطاولون على العَالِم والكتاب والسنة طافحين بما يدل على احترام أهل العلم وتوقيرهم، ألا فليحذر طالب العلم من أن يكون سيئ الخلق ناطحاً للسحاب يترقب للعالم الهفوات ويلتمس العثرات ليشهر به فإن ذلك ينقصُ من مقدار التقوى عنده مما يكون سبباً في حرمانه من العلم، بل ينبغي لطالب العلم أن يكون كريمَ الطباع حميدَ السجايا مهذبَ الأخلاق سليمَ الصدر مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر إذا تكلم غنم وإذا سكت سلم.