للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أخي هذه علومنا و هؤلاء سلفنا .. قال الله تعالى: (هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا) [يوسف: ٦٥]، و نحفظ ديننا و نصدق وعد ربنا، فنحن نرد على الصوفية الذين يقولون لا سير إلى الله إلا من خلال منهج التصوف و لا سير إلى الله إلا وراء شيخ متصوف!! خطأ .. و نقول أيضاً للأخوة الذين تصوروا أن الدين علوم جامدة فحسب فليكن لهم حال مع الله و سير صحيح إلى الكمال الإنساني.

[أهمية تزكية النفوس:]

(١) لقد تظافرت نصوص الكتاب والسنة ببيان أهمية تزكية النفوس وما لها من مكانة عالية ومنزلة رفيعة، ولعل من أبرز تلك النصوص وأظهرها قوله تعالى في سورة الشمس: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاها وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} [الشمس: ١ ـ ١٠].

فتأمل معي أيها القارئ الكريم في هذه الآيات البينات تجد أن الله عز وجل قد أقسم فيها أحد عشر قسما على أن صلاح العبد وفلاحه منوط بتزكية نفسه.

ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى في موضع آخر من الكتاب: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: ١٤ ـ ١٥].

(٢) أخبر الله جل وعلا بفوز من حقق هذه التزكية بالدرجات العلى، فقال سبحانه: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى} [طه: ٧٥ ـ ٧٦].

(٣) قد جاء في القرآن الكريم ما يدل على أنَّ مهمة الرسل كانت دعوة الناس إلى تزكية نفوسهم، قال تعالى لموسى في خطابه لفرعون: {فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى} [النازعات:١٨].

وقال سبحانه عن نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: ٢].

(٤) أن هناك تلازمٌ بين السلوك والاعتقاد: فالسلوك الظاهرُ مرتبطٌ بالاعتقادِ الباطن، فأيُّ انحرافٍِ في الأخلاقِ إنما هو من نقص الإيمان الباطن،

[*] (قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>