(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في السلسلة الصحيحة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر غرس الله بكل واحدة منهن شجرة في الجنة.
فاغرس .. أيها الأخ الكريم: بساتين الأشجار بأسهل الأذكار فهي كلمات خفيفة سهلة, وما أكثر الغافلين عنها, المشتغلين بلغو الكلام وربما الهذر الحرام. مساكين هؤلاء الغافلون شغلهم غراس الدنيا, فاشتغلوا به ونسوا حظهم في الآخرة, ولم يزل يلهيهم طول الأمل وحب الدنيا, حتى باغتهم الموت.
ومع كثرة أشجار الجنة وثمارها, فإن أهل الجنة يرغبون في الزرع وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يوما يحدث، وعنده رجل من أهل البادية: أن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع، فقال له: ألست فيما شئت؟ قال: بلى، ولكني أحب أن أزرع، قال: فبذر، فبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده، فكان أمثال الجبال، فيقول الله: دونك يا ابن آدم، فإنه لا يشبعك شيء. فقال الأعرابي: والله لا تجده إلا قرشيا أو أنصاريا، فإنهم أصحاب زرع، وأما نحن فلسنا بأصحاب زرع، فضحك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وهذا يدل على أن في الجنة زرعا وذلك البذر منه وهذا أحسن أن تكون الأرض معمورة بالشجر والزرع.
[ثمار الجنة وتعداد أنواعها وصفاتها:]
قال تعالى: (وَبَشّرِ الّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ أَنّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ كُلّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رّزْقاً قَالُواْ هََذَا الّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مّطَهّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: ٢٥]
وقولهم (هََذَا الّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ): أي شبيهه ونظيره لا عينه.
مسألة: ما معنى قوله تعالى (وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً):
[*] (قال الحسن رحمه الله تعالى في قوله تعالى (وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً):أي خيارٌ كله لا رذل ألم تروا إلى ثمر الدنيا كيف تسترذلون بعضه وأن ذلك ليس فيه رذل، وقال قتادة خيار لا رذل فيه فإن ثمار الدنيا ينقى منها ويرذل منها وكذلك قال ابن جريح وجماعة، وعلى هذا فالمراد بالتشابه التوافق والتماثل.