(إلا أعجل من ذلك) أي من أن يبني الإنسان لنفسه بناء ويشيده فوق ما لا بد منه فقد اتخذ نوح بيتاً من قصب فقيل له: لو بنيت فقال: هذا كثير لمن يموت وقيل لسليمان: ما لك لا تبني قال: ما للعبد وللبناء فإذا أعتق فله واللّه قصور لا تبلى أبداً.
بيوت أزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أخرج ابن سعد: عن الواقدي قال: حدثني معاذ بن محمد الأنصاي قال: سمعت عطاء الخراساني في مجلس فيه عِمران بن أبي أنس يقول وهو فيما بين القبر والمنبر: أدركت حُجَر أزواج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من جريد النخل، وعلى أبوابها المسوح من شعر أسود، فحضرت كتاب الوليد بن عبد الملك يُقرأ يأمر بإدخال حُجَر أزواج النبي في مسجد رسول الله، فما رأيت يوماً أكثر باكياً من ذلك اليوم، قال عطاء: فسمعت سعيد بن المسيِّب يقول يومئذ: واللَّهِ لوددتُ أنهم تركوها على حالها؛ ينشأ ناشىء من أهل المدينة، ويقدم القادم من الأفق، فيرى ما اكتفى به رسول الله في حياته، فيكون ذلك ممَّا يزهِّد الناس في التكاثر والتفاخر فيها ـ يعني الدنيا ـ. قال معاذ: فلما فرغ عطاء الخراساني من حديثه قال عمران بن أبي أنس: كان منها أربعة أبيات بلبن لها حُجَر من جريد، وكانت خمسة أبيات من جريد مطيّنة لا حُجر لها، على أبوابها مُسوح الشعر، ذرعتُ الستر فوجدته ثلاث أذرع في ذرع، والعظم أو أدنى من العظم، فأما ما ذكرت من كثرة البكاء فلقد رأيتني في مجلس فيه نفر من أبناء أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم أبو سَلَمة ابن عبد الرحمن، وأبو أمامة بن سهل بن حُنَيف، وخارجة بن زيد، وإنهم ليبكون حتى أخضل لحاهم الدمعُ، وقال يومئذ أبو أمامة: ليتها تُركت فلم تُهدم حتى يقصرَ الناس عن البناء، ويَروا ما رضي الله لنبيه ومفاتيح خزائن الدنيا بيده.
[*] ثانياً نماذج من سير الزاهدين من الصحابة - رضي الله عنهم -:
مسألة: من هو الصحابي وما هو منهج أهل السنة و الجماعة في حق الصحابة رضي الله عنهم؟
الصحابي من اجتمع مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو رآه ولو لحظة مؤمنا ومات على ذلك.
منهج أهل السنة و الجماعة في حق الصحابة رضي الله عنهم: