للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج البيهقي عن ابن سِيرين قال: ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضَّلوا عمر على أبي بكر، فبلغ ذلك عمر فقال: والله لليلةٌ من أبي بكر خيرٌ من آل عمر، وليومٌ من أبي بكر خيرٌ من آل عمر. لقد خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة انطلق إلى الغار ومعه أبو بكر، فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه، حتى فطن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "يا أبا بكر، مالك تمشي ساعة خلفي وساعة بين يدي؟ " فقال: يا رسول الله، أذكر الطَلَب فأمشي خلفك، ثم أذكر الرَّصَد، فأمشي بين يديك. فقال: "يا أبا بكر، لو كان شيء لأحببتَ أن يكون بك دوني؟ " قال: نعم، والذي بعثك بالحق. فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: مكانك ـ يا رسول الله ـ حتى استبرىء لك الغار. فدخل فاستبرأه، حتى إذا كان ذكر أنه لم يستبرىء الجِحَرَةَ، فقال: مكانك ـ يا رسول الله ـ حتى أستبرأ، فدخل فاستبرأ، ثم قال: إنزل يا رسول الله، فنزل. ثم قال عمر: والذي نفسي بيده، لتلك الليلة خيرٌ من آل عمر. كذا في البداية. وأخرجه الحاكم أيضاً كما في منتخب كنز العمال. وأخرجه البغوي عن ابن مُلَيكة مرسلاً بمعناه. قال ابن كثير: هذا مرسل حسن كما في كنز العمال.

إنكار عمر على من فضَّله على أبي بكر وتهديده في ذلك:

وأخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة عن جبير بن نُفير أن نفراً قالوا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: والله ما رأينا رجلاً أقضى بالقسط، ولا أقولَ بالحق، ولا أشد على المنافقين منك يا أمير المؤمنين فأنت خير الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال عوف بن مالك رضي الله عنه: كذبتم ـ والله ـ لقد رأينا خيراً منه بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: من هو يا عوف؟ فقال: أبو بكر، فقال عمر: صدق عوف وكذبتم، والله لقد كان أبو بكر أطيب من ريح المسك وأنا أضل من بعير أهلي. قال ابن كثير: إسناده صحيح. كذا في منتخب الكنز.

[(٢٤) شجاعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه:]

أخرج ابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ما علمت أحداً هاجر إلا مختفياً إلا عمرَ بن الخطاب فإنه لما همّ بالهجرة تقلّد سيفه، وتنكّب قوسه، وانتضى في يده أسهُماً، وأتى الكعبة ـ وأشراف قريش بفِنائها ـ فطاف سبعاً، ثم صلَّى ركعتين عند المَقام، ثم أتى حِلَقهم واحدة واحدة فقال: شاهت الوجوه. من أراد أن تثكله أمه، ويُؤتَم ولده، وتَرْمُل زوجته؛ فليقني وراء هذا الوادي. فما تبعه منهم أحد. كذا في منتخب كنز العمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>