[*] • وكان محمد بن سلام جالسا في مجلس الإملاء والشيخ يحدث، فانكسر قلم محمد بن سلام، فقال: قلم بدينار، فتطايرت إليه الأقلام، وكان الدينار يشتري قرابة مائة وخمسون قلم، ولكن محمد بن سلام اشترى به تلك اللحظات التي إذا فاتت فإنها لا تعود.
• وقال ابن هبيرة:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه ... وأراه أسهل ما عليك يضيع
(٥) أن الإنسان لا يعلم متى ينقضي الوقت الذي فسح له فيه:
ولهذا أمر الله عز وجل في آيات كثيرة من كتابه بالمسارعة والمسابقة والتنافس، وأمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمبادرة بالأعمال الصالحة.
ولهذا حذر العلماء من التسويف،
[*] • قال الحسن رحمه الله تعالى: إياك والتسويف، فإنك بيومك ولست بغدك، فإن يكن غد لك فكس فيه كما كست في اليوم، وإلا يكن الغد لك لم تندم على ما فرطت في اليوم.
[*] • وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: التسويف رؤوس أموال المفاليس.
• أسباب تعين على حفظ الوقت:
(١) محاسبة النفس: وهي من أعظم الوسائل التي تعين المسلم على اغتنام وقته في طاعة الله. وهي دأب الصالحين وطريق المتقين، فحاسب نفسك أخي المسلم واسألها ماذا عملت في يومها الذي انقضى؟ وأين أنفقت وقتك؟ وفي أي شيء أمضيت ساعات يومك؟ هل ازددت فيه من الحسنات أم ازددت فيه من السيئات؟.
(٢) تربية النفس على علو الهمة: فمن ربَّى نفسه على التعلق بمعالي الأمور والتباعد عن سفسافها، كان أحرص على اغتنام وقته، ومن علت همته لم يقنع بالدون، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم:
• ولله درُ من قال:
إذا ما عَلا المرءُ رام العلا: ويقنعُ بالدُّونِ من كان دُونَا
(٣) صحبة الأشخاص المحافظين على أوقاتهم: فإن صحبة هؤلاء ومخالطتهم، والحرص على القرب منهم والتأسي بهم، تعين على اغتنام الوقت، وتقوي النفس على استغلال ساعات العمر في طاعة الله، ورحم الله من قال:
إذا كنتَ في قومٍ فصاحِب خِيارَهم ... ولا تصحبِ الأردى فتردى مع الرَّدِي
عن المرءِ لا تَسَلْ وسَلْ عن قرينهِ ... فكلُّ قرينٍ بالمقارَن يقتدِي
(٤) معرفة حال السلف مع الوقت: فإن معرفة أحوالهم وقراءة سيرهم لَأكبر عون للمسلم على حسن استغلال وقته، فهم خير من أدرك قيمة الوقت وأهمية العمر، وهم أروع الأمثلة في اغتنام دقائق العمر واستغلال أنفاسه في طاعة الله.