(كثير من الناس: الصحة والفراغ) من الشواغل الدنيوية المانعة للعبد عن الاشتغال بالأمور الآخروية، فلا ينافي الحديث المار: إن اللّه يحب العبد المحترف، لأنه في حرفة لا تمنع القيام بالطاعات. شبه المكلف بالتاجر، والصحة والفراغ برأس المال لكونهما من أسباب الأرباح ومقدمات النجاح فمن عامل اللّه بامتثال أوامره ربح، ومن عامل الشيطان باتباعه ضيع رأس ماله. والفراغ نعمة غبن فيها كثير من الناس. ونبه بكثير على أن الموفق لذلك قليل. وقال حكيم: الدنيا بحذافيرها في الأمن والسلامة. وفي منشور الحكم: من الفراغ تكون الصبوة، ومن أمضى يومه في حق قضاه، أو فرض أدَّاه، أو مجد أثله، أو حمد حصله، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه فقد عتق يومه وظلم نفسه. قال: لقد هاج الفراغ عليك شغلا * وأسباب البلاء من الفراغ. أهـ
(٢) أن الوقت هو رأس مال الإنسان:
[*] • قال الحسن رحمه الله تعالى: يا ابن آدم إنما أنت أيام، فإذا ذهب يومك ذهب بعضك.
[*] • وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما.
[*] • قال داود الطائي: " إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة
وقال أحد الصالحين لتلاميذه: " إذا خرجتم من المسجد فتفرّقوا لتقرؤوا القرآن، وتسبّحوا الله، فإنكم إذا اجتمعتم في الطريق، تكلمتم وضاعت أوقاتكم ".
• وقال شوقي:
دقات قلب المرء قائلة له ... إن الحياة دقائق وثوان
(٣) أن الوقت سريع الانقضاء:
[*] • قال رجل لعامر بن عبد قيس ـ من أئمة التابعين ـ: كلمني. فقال له: امسك الشمس! وقال الإمام أحمد: ما شبهت الشباب بشيء إلا بشيء كان في كمي فسقط.
• وقال أبو الوليد الباجي:
إذا كنت أعلم علما يقينا ... بأن جميع حياتي كساعة
فلم لا أكون ضنينا بها ... وأجعلها في صلاح وطاعة
(٤) الوقت إذا فات لا يعود:
[*] • قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: إن لله حقا بالنهار لا يقبله بالليل، ولله حق بالليل لا يقبله بالنهار.
[*] • وقالوا لعمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: لو ركبت وتروحت؟ فقال لهم: فمن يجزىء عني عمل ذلك اليوم؟ فقالوا: تؤجله إلى الغد، فقال لهم: فدحني عمل يوم واحد فكيف إذا اجتمع عليّ عمل يومين؟!
ولهذا كان الوقت عند السلف أغلى من الدراهم والدنانير،
[*] • قال الحسن رحمه الله تعالى: لقد أدركت أقواما كانوا أشد حرصا على أوقاتهم من حرصكم على دراهمكم ودنانيركم!