للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وأما استبصار العبرة: فهو زيادة البصيرة عما كانت عليه في منزل التفكر بقوة الاستحضار لأن التذكر يعتقل المعاني التي حصلت بالتفكر في مواقع الآيات والعبر فهو يظفر بها بالتفكر وتنصقل له وتنجلي بالتذكر فيقوي العزم على السير بحسب قوة الاستبصار لأنه يوجب تحديد النظر فيما يحرك المطلب إذ الطلب فرع الشعور فكلما قوي الشعور بالمحبوب اشتد سفر القلب إليه وكلما اشتغل الفكر به ازداد الشعور به والبصيرة فيه والتذكر له.

(وأما الظفر بثمرة الفكرة: فهذا موضع لطيف.

(وللفكرة ثمرتان: حصول المطلوب تماما بحسب الإمكان والعمل بموجبه رعاية لحقه فإن العقل حال التفكر كان قد كل بأعماله في تحصيل المطلوب فلما حصلت له المعاني وتخمرت في القلب واستراح العقل: عاد فتذكر ما كان حصله وطالعه فابتهج به وفرح به وصحح في هذا المنزل ما كان فاته في منزل التفكر لأنه قد أشرف عليه في مقام التذكر الذي هو أعلى منه فأخذ حينئذ في الثمرة المقصودة وهي العمل بموجبه مراعاة لحقه فإن العمل الصالح: هو ثمرة العلم النافع الذي هو ثمرة التفكر.

وإذا أردت فهم هذا بمثال حسي: فطالب المال ما دام جادا في طلبه فهو في كلال وتعب حتى إذا ظفر به استراح من كد الطلب وقدم من سفر التجارة فطالع ما حصله وأبصره وصحح في هذه الحال ما عساه غلط فيه في حال اشتغاله بالطلب فإذا صح له وبردت غنيمته له أخذ في صرف المال في وجوه الانتفاع المطلوبة منه والله أعلم.

(فصلٌ في منزلة الاعتصام:

(منزلة الاعتصام:

(للاعتصام فضلٌ عظيم وأجرٌ جسيم، فهي نعمةٌ عظيمة، وَمِنَّةٌ جسيمة، نعمة كبرى، ومنحة عظمى،، له فضائل لا تحصى، وثمرات لا تعد، وله أهمية كبرى، وثمرات جليلة، وفضائل عظيمة، وأسرار بديعة، وهو طريق النجاة، وسلم الوصول، ومطلب العارفين، ومطية الصالحين، ومن أعظم ما تكلم عنها العالم الحبر العلامة الضياء اللامع والنجم الساطع الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، فقد كان من حلية الأولياء وأعلام النبلاء وحراس العقيدة وحماة السنة وأشياع الحق وأنصار دين الله عز وجل، حاملُ لواء السنة وناصرها وقامع البدعة ودامغها.

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:

ثم ينزل القلب منزل الاعتصام.

هو نوعان: «اعتصام بالله» «واعتصام بحبل الله»

قال الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣]

<<  <  ج: ص:  >  >>