وَاسْتَعْمَلَ مُعَاوِيَةُ رَجُلاً مِنْ كَلْبٍ فَذُكِرَ الْمَجُوسُ يَوْمًا عِنْدَهُ فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْمَجُوسَ يَنْكِحُونَ أُمَّهَاتِهِمْ، وَاَللَّهِ لَوْ أُعْطِيتُ عَشْرَةَ الآفِ دِرْهَمٍ مَا نَكَحْت أُمِّي. فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: ـ قَبَّحَهُ اللَّهُ ـ أَتَرَوْنَهُ لَوْ زَادُوهُ فَعَلَ؟ وَعَزَلَهُ وَوَلَّى الرَّبِيعَ الْعَامِرِيَّ ـ وَكَانَ مِنْ النَّوْكَى ـ عَلَى سَائِرِ الْيَمَامَةِ فَأَقَادَ كَلْبًا بِكَلْبٍ فَقَالَ فِيهِ الشَّاعِرُ: شَهِدْت بِأَنَّ اللَّهَ حَقًّا لِقَاؤُهُ وَأَنَّ الرَّبِيعَ الْعَامِرِيَّ رَقِيعُ أَقَادَ لَنَا كَلْبًا بِكَلْبٍ وَلَمْ يَدَعْ دِمَاءَ كِلاَبِ الْمُسْلِمِينَ تَضِيعُ وَلَيْسَ لِمَعَارِّ الْجَهْلِ غَايَةٌ، وَلاَ لِمَضَارِّ الْحُمْقِ نِهَايَةٌ. قَالَ الشَّاعِرُ: لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ يُسْتَطَبُّ بِهِ إلا الْحَمَاقَةَ أَعْيَتْ مَنْ يُدَاوِيهَا. أهـ
[ما يزداد به العاقل من نماء عقله:]
(قال ابن حبان رحمه الله تعالى في روضة العقلاء:
والذي يزداد به العاقل من نماء عقله هو التقرب من أشكاله والتباعد من أضداده٠
(أورد ابن حبان رحمه الله تعالى في روضة العقلاء عن أبى مالك الغزي قال سمعت أبي يقول جالسوا الألباء أصدقاء كانوا أو أعداء فإن العقول تلقح العقول.
قال أبو حاتم مجالسة العقلاء لا تخلو من أحد معنيين إما تذكر الحالة التي يحتاج العاقل إلى الانتباه لها أو الإفادة بالشيء الخطير الذي يحتاج الجاهل إلى معرفتها٠
فقرب العاقل غنم لأشكاله وعبره لأضداده على الأحوال كلها ولا يجب لمن تسمى به أن يتدلل إلا على من يحتمل دلاله ويقبل إلا على من يحب إقباله ولو كان للعقل أبوان لكان أحدهما الصبر والأخر التثبت٠
جعلنا الله ممن ركب فيه حسن وجود العقل فسلك بتمام النعم مسلك الخصال التي تقربه إلى ربه في دارى الأمد والأبد إنه الفعال لما يريد٠
[أول شعب العقل هو لزوم تقوى الله وإصلاح السريرة:]
أول شعب العقل هو لزوم تقوى الله وإصلاح السريرة لأن من أصلح سريرته أصلح الله علانيته٠
(ولله درُ من قال:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت ولكن قل على رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أن ما يخفى عليه يغيب
(أورد ابن حبان رحمه الله تعالى في روضة العقلاء عن مالك بن دينار قال اتخذ طاعة الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة٠