فتب إلى ربك ما دمت في زمن الإمكان، واستعد للقدوم على ربك بصالح الأعمال. قال تعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور ٦٣]. {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[النور ٣١]. {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}[البقرة ٢٨١].
اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم. اللهم وفقنا للعمل بما يرضيك وجنبنا معاصيك. آمين يا رب العالمين، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا مالك الملك يا قادرا على كل شيء، يا مجيب دعوة المضطر إذا دعاك.
[باب معرفة حقيقة الدنيا:]
[*] • عناصر الباب:
• حقيقة الدنيا:
• التحذير من الافتتان بالدنيا والركون إليها:
• ذم الدنيا:
• أمرُ الدّنيا في جنب الآخرة قليل:
• الدنيا عمرها قد قارب على الانتهاء:
• زوال الدنيا:
• تحول حال الدنيا:
• والآخرة هي الباقية، وهى دار القرار:
وهاك تفصيل ذلك في إيجازٍ غيرِ مُخِّل:
• حقيقة الدنيا:
• الدنيا دار سفر لا دار إقامة ودار ممرّ لا دار مقرّ، و دار عبور لا دار سرور، وأنت في الدنيا عُرْضَةُ الأَسْقَامِ وَرَهِينَةُ الأيامِ وأَسِير الْمَنَايَا وَقَرِينُ الرَّزَايَا وَصَرِيعُ الشَّهَوَاتِ وَنُصُب الآفاتِ وَخَلِيفَةُ الأَمْوَاتِ، لا يحرص على الدنيا لبيب، ولا يُسَرُّ بها أريب، وهو على ثقة من فنائها، وغير طامع في بقائها، فكيف تنام عينُ من يخشى البيات وكيف تسكن نفس من تَوَقَّعَ في جميع أموره الممات.
• الدنيا دار كدر بذلك جرى القدر، فإن صفا عيش لحظةً ندر، ثم عاد التخليط فبدر، الورود فيها كالصدر، ودم قتيلها هدر، بلاؤها متتابع متواصل، وسيفها إذا ضربت سيف فاصل، وحرصها على الحقيقة مفاصل، وخيرها مظنون وشرها حاصل.
- واعلم أن الدُّنْيَا خُلِقَت لِتَجُوزَهَا لا لِتَحُوزَهَا، ولِتَعْبُرَها لا لِتَعْمُرها فاقْتُلْ هَوَاكَ الْمَائِلَ إِلَيْهَا ولا تُعَوّلْ عَلَيهَا، واعْلَمْ أَنَّ الدُنْيَا مَزْرعةُ النَّوائِبِ ومَشْرَعَةُ المَصَائِبِ ومُفَرّقَةُ المَجَامِعِ ومُجْرِيَةُ المَدَامِعْ.