وبالتأمل في سيرة هؤلاء الصالحين الباكين من خشية الله تعالى نجد أنهم اشتركوا في صفة واحدة على تنوع عباداتهم واجتهاداتهم في طاعة الله تعالى تلك الصفة هي الإخلاص المنافي للرياء فلقد كانوا رضي الله عنهم أبعد الناس عن أن يراهم أحد حال البكاء حرصاً منهم أن لا يدخل العُجْب قلوبهم فتبطل عبادتهم وتراهم شددوا بلسان الحال والمقال على هذه الصفة ابتغاء نيل الأجر كاملاً غير منقوص من رب العالمين لا من مدح المادحين.
[*] قال الحسن البصري:
إن كان الرجل ليجلس المجلس فتجيئه عبرته فيردها فإذا خشي أن تسبقه قام.
وقال عبد الكريم بن رشيد: كنت في حلقه الحسن فجعل رجل يبكى وارتفع صوته فقال الحسن إن الشيطان ليبكى هذا الآن.
[*] وكان أيوب السختيانى في ثوبه بعض الطول لستر الحال وكان إذا وعظ فرقَّ فَرَقَ من الرياء فيمسح وجهه ويقول: ما أشد الزكام.
[*] وقال حماد بن زيد: دخلنا على محمد بن واسع في مرضه نعودة قال فجاء يحيى البكاء يستأذن عليه فقالوا: يا أبا عبد الله هذا أخوك أبو سلمه على الباب قال: من أبو سلمه؟ قالوا: يحيى قال: من يحيى؟ قالوا: يحيى البكاء قال حماد: وقد علم أنه يحيى البكاء فقال شر أيامكم يوم نسبتم فيه إلى البكاء.
[*] وعن القاسم بن محمد قال: كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيراً ما كان يخطر ببالي فأقول في نفسي بأي شيء فضل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة إن كان يصلى آنا نصلى وإن كان يصوم آنا نصوم وإن كان يغزو فآنا نغزو وإن كان يحج آنا لنحج قال فكنا في بعض مسيرتا في طريق الشام ليله نتعشى في بيت إن طفئ السراج فقام بعضنا فأخذ السراج وخرج يستصبح فمكث هنيهة ثم جاء بالسراج فنظرت إلى وجه ابن المبارك ولحيته قد ابتلت من الدموع فقلت في نفسي بهذه الخشية فضل هذا الرجل علينا ولعله حين فقد السراج فصار إلى ظلمه ذكر القيامة.
[باب ذم المعاصي وقبح آثارها:]
[*] • عناصر الباب:
• ذم المعاصي:
• قبح آثار المعاصي:
• توبيخ العاصي:
• الأدوية التي تزهدك في المعاصي:
• كيفية الوقاية من الذنوب:
• كيف أتخلص من المعاصي:
• التحذير من المجاهرة بالمعصية:
• مفاسد المجاهرة بالمعاصي:
• صورٌ من المجاهرة بالمعاصي والعياذ بالله:
وهاك تفصيل ذلك في إيجازٍ غيرِ مُخِّل:
• ذم المعاصي:
• أخي الحبيب: