وأكبر الأعذار إلى بني آدم بعثة الرسل إليهم، ليتم حجته عليهم كما قال سبحانه: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء:١٥]، وقال سبحانه: وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ [فاطر:٣٧]، قيل: هو القرآن وقيل: الرسل وقال ابن عباس: هو الشيب.
[حسن الخاتمة:]
اعلم أن حسن الخاتمة لا تكون إلا لمن استقام ظاهرة وصلح باطنه، أما سوء الخاتمة فإنها تكون لمن كان له فساد في العقل، أو إصرار على الكبائر، وإقدام على العظائم، فربما غلب عليه ذلك حتى ينزل به الموت قبل التوبة، أو يكون مستقيماً ثم يتغير عن حاله، ويخرج عن سننه، ويقبل على معصية ربه، فيكون ذلك سبباً لسوء خاتمته، والعياذ بالله.
صور من سوء الخاتمة:
قيل لرجل عند الموت: قل لا إله إلا الله، وكان سمساراً، فأخذ يقول: ثلاثة ونصف .. أربعة
ونصف .. غلبت عليه السمسرة.
وقيل لآخر: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: الدارالفلانية أصلحوا فيها كذا وكذا، والبستان
الفلاني أعملوا فيه كذا، حتى مات.
وقيل لأحدهم وهو في سياق الموت: قل لا إله إلا الله، فجعل يغني، لأنه كان مفتوناً بالغناء، والعياذ بالله.
وقيل لشارب خمر عند الموت: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: اشرب واسقني نسأل الله العافية.
[صور من حسن الخاتمة:]
[*] دخل صفوان بن سليم على محمد بن المنكدر وهو في الموت فقال له: يا أبا عبد الله! كأني أراك قد شق عليك الموت، فما زال يهون عليه ويتجلى عن وجه محمد، حتى لكأن وجهه المصابيح، ثم قال له: لو ترى ما أنا فيه لقرت عينك، ثم مات.
[*] وقال محمد بن ثابت البناني: ذهبت ألقن أبي وهو في الموت فقلت: يا أبت! قل لا إله إلا الله. فقال: يا بني، خل عني، فإني في وردي السادس أو السابع!!
[*] ولما احتضر عبد الرحمن بن الأسود بكى. فقيل له: مم البكاء؟ فقال: أسفاً على الصلاة والصوم، ولم يزل يتلو القرآن حتى مات.
[*] وسمع عامر بن عبد الله المؤذن وهو في مرض الموت فقال: خذوا بيدي إلى المسجد، فدخل مع الإمام في صلاة المغرب، فركع ركعة ثم مات رحمة الله.
بشائر تدل على حسن الخاتمة:
نبه النبي على بشائر تدل على حسن الخاتمة، إذا كانت وفاة العبد مع واحدة منها كان ذلك فألاً طيباً وبشارةً حسنة، منها ما يلي:
(١) نطقه بكلمة التوحيد عند الموت:
(حديث معاوية الثابت في صحيح أبي داود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة.