للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْقَارِي: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ "يَخْرُجُ " كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ظَرْفٌ لَهُ. قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُنُقِ الْجِيدُ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ إِذْ لَا صَارِفَ عَنْ ظَاهِرِهِ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَخْرُجُ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ عَلَى هَيْئَةِ الرَّقَبَةِ الطَّوِيلَةِ، انْتَهَى.

قُلْتُ: الْأَمْرُ عِنْدِي كَمَا قَالَ الْقَارِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (يَقُولُ) بِصِيغَةِ التَّذْكِيرِ وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ "يَنْطِقُ" أَوْ حَالٌ

(وَإِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ) أَيْ وَكَّلَنِي اللَّهُ بِأَنْ أُدْخِلَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ النَّارَ وَأُعَذِّبَهُمْ بِالْفَضِيحَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ

(بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْجَبَّارُ هُوَ الْمُتَمَرِّدُ الْعَاتِي، وَالْعَنِيدُ الْجَائِرُ عَنِ الْقَصْدِ، الْبَاغِي الَّذِي يَرُدُّ الْحَقَّ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ.

• ذكر ورود النار نجانا الله منه برحمته:

قال تعالى: (وَإِن مّنكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىَ رَبّكَ حَتْماً مّقْضِيّاً * ثُمّ نُنَجّي الّذِينَ اتّقَواْ وّنَذَرُ الظّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً) [مريم ٧١، ٧٢]

[*] • أورد ابن رجب رحمه الله تعالى في كتابه التخويف من النار عن الحسن البصري قال: قال رجل لأخيه: هل أتاك أنك وارد النار؟ قال: نعم. قال: فهل أتاك أنك صادر عنها؟ قال: لا. قال: ففيم الضحك؟ قال: فما رُئي ضاحكًا حتى لحق بالله.

[*] • أورد ابن رجب رحمه الله تعالى في كتابه التخويف من النار عن الحسن قال: لا والله إن أصبح فيها مؤمن إلا حزينا وكيف لا يحزن المؤمن وقد جاءه عن الله أنه وارد جهنم ولم يأته أنه صادر عنها.

وقد اختلف الصحابة ومن بعدهم في تفسير الورود على التفصيل الآتي:

• قالت طائفة الورود هو المرور على الصراط:

وهذا قول ابن مسعود وجابر والحسن وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والكلبي وغيرهم، وعليه يحمل الأحاديث الآتية:

(حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يرد الناس النار ثم يصدرون عنها بأعمالهم فأولهم كلمح البصر ثم كمر الريح ثم كحضر الفرس ثم كالراكب في رحله ثم كشد الرجل ثم كمشيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>