[*] قال موسى بن عقبة في مغازيه غزوة عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل - وهذه كانت بعد إسلام عمرو بن العاص بأشهر قليلة وقد أمَّره الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على جيش أو على سرية ثم طلب عمرو بن العاص من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مدد فبعث إليه - ليأتي الغزوة التي كانت في مشارق الشام - خاف عمرو من جانبه ذلك فاستمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فانتدب رسول الله أبا بكر وعمر وثلة من المهاجرين، فأمَّر نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليهم أبا عبيدة بن الجراح - أبو عبيدة كان أميراً على أبي بكر وعمر - فلما قدموا - كان يحذر الاختلاف متأسياً بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما في الحديث الآتي:
(حديث ابن مسعود في صحيح البخاري) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لا تختلفوا فإنه من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا.
أي لابد أن تجتمعوا على كلمة واحدة ولا تختلفوا، فلما قدموا على عمرو بن عاص قال أنا أميركم، فقال المهاجرون بل أنت أمير أصحابك وأميرنا أبو عبيدة بن الجراح، فقال عمرو بن العاص إنما أنتم مدد أُمددت بكم، فلما رأى ذلك أبو عبيدة كأنه تذكر قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث السابق (لا تختلفوا فإنه من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا) وهو الذي يسمع لرسول الله ويطيع، فلما رأى أبو عبيدة بن الجراح ذلك وكان رجلا حسن الخلق لين الشيمة مستمع لأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعهده سَلَّمَ الإمارة لعمرو بن العاص رضي الله عنهم أجمعين، وهذا الذي جعل عمرو بن العاص يقول: أنا في جيش فيه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وأنا أمير عليهم بخ بخ فإني لذو مكانة عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولذلك ذهب إلى رسول الله فقال له يا رسول الله إني سائلك، قال: سل، قال: من أحب الناس إليكِ؟ - هو يتوقع أن يقول عمرو بن العاص لأنه أمَّرة على أبي بكر وعلى عمر وعلى أبي عبيدة بن الجراح أكارم و أماجد وأفاضل الصحابة - فقال: عائشة، فقال: لست على النساء أسأل عن الرجال أسأل؟ فقال: أبو بكر أو قال أبوها، فقال: ثم من؟ قال: عمر، قال لعلي الثالث، قال: ثم من؟، قال: عثمان وفي رواية قال أبو عبيدة بن الجراح فسكت عمرو بن العاص.