للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى في آياته المشهودة: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق/٣٦، ٣٧]

والناس ثلاثة: رجل قلبه ميت فذلك الذي لا قلب له فهذا ليست هذه الآية ذكرى في حقه.

الثاني: رجل له قلب حي مستعد لكنه غير مستمع للآيات المتلوة التي يخبر بها الله عن الآيات المشهودة: إما لعدم ورودها أو لوصولها إليه ولكن قلبه مشغول عنها بغيرها فهو غائب القلب ليس حاضرا فهذا أيضا لا تحصل له الذكرى مع استعداده ووجود قلبه.

والثالث: رجل حي القلب مستعد تليت عليه الآيات فأصغى بسمعه وألقى السمع وأحضر قلبه ولم يشغله بغير فهم ما يسمعه فهو شاهد القلب ملق السمع فهذا القسم هو الذي ينتفع بالآيات المتلوة والمشهودة.

فالأول: بمنزلة الأعمى الذي لا يبصر.

والثاني: بمنزلة البصير الطامح ببصره إلى غير جهة المنظور إليه فكلاهما لا يراه.

والثالث: بمنزلة البصير الذي قد حدق إلى جهة المنظور وأتبعه بصره وقابله على توسط من البعد والقرب فهذا هو الذي يراه.

فسبحان من جعل كلامه شفاء لما في الصدور.

(أبنية التذكر:

مسألة: ما هي أبنية التذكر؟

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين:

قال صاحب المنازل:

"أبنية التذكر ثلاثة: «الانتفاع بالعظة» «والاستبصار بالعبرة» «والظفر بثمرة الفكرة"».

(الانتفاع بالعظة: هو أن يقدح في القلب قادح الخوف والرجاء فيتحرك للعمل طلبا للخلاص من الخوف ورغبة في حصول المرجوّ.

و (العظة) هي الأمر والنهي المعروف بالترغيب والترهيب.

و (العظة) نوعان: عظة بالمسموع وعظة بالمشهود فالعظة بالسموع: الانتفاع بما يسمعه من الهدى والرشد والنصائح التي جاءت على يد الرسل وما أوحى إليهم وكذلك الانتفاع بالعظة من كل ناصح ومرشد في مصالح الدين والدنيا.

و (العظة) بالمشهود: الانتفاع بما يراه ويشهده في العالم من مواقع العبر وأحكام القدر ومجاريه وما يشاهده من آيات الله الدالة على صدق رسله.

<<  <  ج: ص:  >  >>