للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث عمرو بن الحارث رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) قال: ما ترك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دينارا، ولا درهما، ولا عبدا، ولا أمة، إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها، وسلاحه، وأرضا جعلها لابن السبيل صدقة.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (لو أن عندي مثلَ أحدٍ ذهباٍ ما يسرني أن لا يمَّر عليَّ ثلاث وعندي منه شيءٌ إلا شيءٌ أرْصُدُه لدين)

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير.

(لو أن عندي مثلَ أحدٍ) أي جبل أحد

(ذهباً) بالنصب على التمييز قال ابن مالك بوقوع التمييز بعد مثل قليل وجواب لو

(ما يسرني) من السرور بمعنى الفرح

(أن لا يمر عليَّ) بالتشديد

(ثلاث) من الليالي ويجوز الأيام بتكلف

(وعندي منه شيء) أي من الذهب، وفي التقييد بثلاث مبالغة في سرعة الإنفاق

(إلا شيء أرصده) بضم الهمزة وكسر الصاد أعدَّه

(لدين) أي أحفظه لأداء دين لأنه مقدم على الصدقة واستثنى الشيء من الشيء لكون الثاني مقيداً خاصاً ورفعه لكونه جواب لو في حكم النفي وجعل لو هنا للتمني متعقب بالرد وخص الذهب بضرب المثل لكونه أشرف المعادن وأعظم حائل بين الخليقة وبين فوزها الأكبر يوم معادها وأعظم شيء عصى اللّه به وله قطعت الأرحام وأريقت الدماء واستحلت المحارم ووقع التظالم وهو المرغب في الدنيا المزهد في الآخرة وكم أميت به من حق وأحيي به من باطل ونصر به ظالم وقهر به مظلوم فمن سره أن لا يكون عنده منه شيء فقد آثر الآخرة.

{تنبيه}: كان النبي يوصي أصحابه دائماً وأبداً إلى الزهد في الدنيا وعدم المبالغة في الاهتمام بما هو من ضرورياتها كالمسكن مثلا وتأمل في الحديث الآتي بعين الاعتبار:

(حديث عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) قال: مَرَّ علي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحن نعالج خصا لنا وَهَى، فقال: "" ما هذا؟ "" فقلنا: خصٌ لنا وَهَى فنحن نصلحه، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "" ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك.

نعالج خصا لنا: الخص: بيت يعمل من الخشب والقصب.

وَهَى: بفتح الواو والهاء: أي خرب أو كاد.

ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك:

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(ما أرى الأمر) يعني الموت

<<  <  ج: ص:  >  >>