(١٢) حفظ القرآن الكريم رفعة في الدنيا والآخرة، كما في الحديث الآتي:
(حديث عمر في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين.
(بهذا الكتاب): أي بقراءته، أي بالعمل به. وقوله
(أقواما): أي: منهم مولاك.
(ويضع به): أي بالإعراض عنه وترك العمل بمقتضاه.
- وهكذا كان توقير الرعيل الأول لكتاب ربهم في صدورهم. وكان السلف ينشئون أطفالهم على حفظ القرآن، ثم يحفظونهم الكتب الستة (أي صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن الترمذي، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجه). وبعد أن يتمون ذلك يقومون بتحفيظهم مغازي الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وبذلك يشب الطفل المسلم على وعي بكتاب ربه وسنة نبيه صلوات ربي وسلامه عليه. وهكذا حقق الإسلام تقدمه وتفرده، وازدهرت حضارة الإسلام على جميع الحضارات التي كانت سائدة في ذلك الوقت، وتفوقت عليها؛ وذلك بحفظ كتابها والعمل بمقتضاه.
(١٣) حافظ القرآن يقدم في قبره، فبعد معركة أحد وعند دفن الشهداء كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجمع الرجلين في قبر واحد ويقدم أكثرهم حفظاً كما في الحديث الآتي:
(حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري) قال كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول أيهم أكثر أخذاً للقرآن فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد وقال أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم.
(١٤) وفي يوم القيامة يشفع القرآن لأهله، وشفاعته مقبولة عند الله تعالى كما في الحديث الآتي:
(حديث أبي أمامة في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه اقرءوا الزهراوين: البقرة و آل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة و تركها حسرة و لا تستطيعها البطلة.
اقرءوا الزهراوين: أي النيرتين
قال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم:
"و سميتا الزهراوين لنورهما و هدايتهما و عظيم أجرهما"