قال أبي: وإنما احتججت عليهم بهذا لأنهم كانوا يحتجون علي بظاهر القرآن ولقوله تنتحل الحديث وكان إذا انقطع الرجل منهم اعترض ابن أبي دؤاد فيقول: يا أمير المؤمنين والله لئن أجابك لهو أحب إلي من مائة ألف دينار ومائة ألف دينار فيعدد ما شاء الله من ذلك. ثم أمرهم بعد ذلك بالقيام وخلا بي وبعبد الرحمن فيدور بيننا كلام كثير وفي خلال ذلك يقول ندعو أحمد ابن دؤاد؟ فأقول ذلك إليك فيوجه إليه فيجيء فيتكلم. فلما طال بنا المجلس قام ورددت إلى الموضع الذي كنت فيه وجاءني الرجلان اللذان كانا عندي بالأمس فجعلا يتكلمان فدار بيننا كلام كثير فلما كان وقت الإفطار جيء بطعام على نحو ما أتي به في أول ليلة فأفطروا فتعللت وجعلت رسله تأتي أحمد بن عمار فيمضي إليه فيأتيني برسالة على نحو ما كان لي أول ليلة، وجاء ابن أبي دؤاد فقال إنه قد حلف أن يضربك ضرباً وأن يحبسك في موضع لا ترى فيه الشمس، فقلت له: فما صنع؟ حتى إذا كدت أن أصبح قلت لخليق أن يحدث في هذا اليوم من أمري شيء، وقد كنت خرجت تكتي من سراويلي فشددت بها الأقياد أحملها بها إذا توجهت إليه فقلت لبعض من كان معي الموكل بي أريد لي خيطاً، فجاءني بخيط فشددت به الأقياد وأعدت التكة في سراويلي ولبستها كراهية أن يحدث شيء من أمري فأتعرى. فلما كان في اليوم الثالث أدخلت عليه والقوم حضور فجعلت أدخل من دار إلى دار وقوم معهم السيوف وقوم معهم السياط وغير ذلك من الزي والسلاح وقد حشيت الدار بالجند ولم يكن في اليومين الماضيين كبير أحد من هؤلاء حتى إذا صرت إليه قال ناظروه وكلموه فعادوا لمثل مناظرتهم فدار بيننا وبينهم كلام كثير حتى إذا كان في الوقت الذي كان يخلو بي فيه فجاءني ثم اجتمعوا فشاورهم ثم نحاهم ودعاني فخلا بي وبعبد الرحمن فقال لي: ويحك يا أحمد وأنا والله عليك شفيق وإني لأشفق عليك مثل شفقتي على هارون ابني، فأجبني، فقلت: يا أمير المؤمنين أعطوني شيئاً من كتاب الله عز وجل أو سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما ضجر وطال المجلس قال عليك لعنة الله لقد طمعت فيك، خذوه اخلعوه واسحبوه. قال فأخذت فسحبت ثم خلعت ثم قال العقابين والسياط، فجيء بعقابين والسياط.