فقال: حدثني عبد الرزاق، عن معمر عن الزهري، عن سالم، عن أبيه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إن الله كلم موسى بمائة ألف كلمة وعشرين ألف كلمة وثلاثمائة كلمة وثلاث عشرة كلمة فكان الكلام من الله والاستماع من موسى. فقال موسى: أي رب أنت الذي تكلمني أم غيرك؟ قال الله تعالى: يا موسى أنا أكلمك لا رسول بيني وبينك، قال: كذبت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أحمد: فإن يك هذا كذباً مني على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد قال الله تعالى:(وَلََكِنْ حَقّ الْقَوْلُ مِنّي لأمْلأنّ جَهَنّمَ مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ)[السجدة: ١٣] فإن يكن القول من غير الله فهو مخلوق، وإن كان مخلوقاً فقد ادعى حركة لا يطيق فعلها، فالتفت إلى أحمد وابن الزيات، فقال: ناظروه قالوا: يا أمير المؤمنين اقتله ودمه في أعناقنا، قال فرفع يده فلطم حر وجهه فخر مغشياً عليه فتفرق وجوه قواد خراسان وكان أبوه من أبناء قواد خراسان، فخاف الخليفة على نفسه منهم فدعا بكوز من ماء فجعل يرش على وجهه. فلما أفاق رفع رأسه إلى عمه وهو واقف بين يدي الخليفة فقال: يا عم لعل هذا الماء الذي صب على وجهي غضب صاحبه عليه، فقال الخليفة: ويحكم ما ترون ما يهجم علي من هذا الحديث، وقرابتي من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا رفعت عنه السوط حتى يقول القرآن مخلوق. ثم دعا بجلاد يقال له أبو الدن، فقال: في كم تقتله؟ قال: في خمسة أو عشرة أو خمسة عشرة أو عشرين، فقال: أقتله فكلما أسرعت كان أخفى للأمر، ثم قال: جردوه، قال: فنزعت ثيابه ووقف بين العقابين وتقدم أبو الدن قطع الله يده فضربه بضعه عشر سوطاً فأقبل الدم من أكتافه إلى الأرض، وكان أحمد ضعيف الجسم، فقال إسحاق بن إبراهيم: يا أمير المؤمنين إنه إنسان ضعيف الجسم، فقال: قد سمعت قولي، وقرابتي من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا رفعت السوط عنه حتى يقول كما أقول. فقال: يا أبا عبد الله البشري إن أمير المؤمنين قد تاب عن مقالته وهو يقول لا إله إلا الله. فقال أحمد: كلمة الإخلاص وأنا أقول لا إله إلا الله، فقال: يا أمير المؤمنين إنه قد قال كما تقول. فقال: خل سبيله. وارتفعت بالباب، فقال: أخرج فانظر ما هذه الضجة.