وهذا يزيل إشكال عدم ذكر اللالكائي له في معرض سياقه من رسم بالإمامة في السنة، والدعوة، والهداية إلى طريق الاستقامة .. في كتابه شرح أصول اعتقاد أهل السنة ١/ ٥١ - ٥٣ مع أنه ذكره في ١/ ٣٠٢:
فيمن نقلوا كلاما في رد بدعة.
قلتُ: فلعله لم يذكره لأنه لم يؤلف في الرد على أهل البدع .. ، أو يكون قد غفل عنه، أو سقط سهوا.
ط ـ سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ مجموع الفتاوي ٢٠/ ٣٩ ـ هل البخاري ومسلم ـ وذكر جمعاً من العلماء ـ هل كان هؤلاء مجتهدين لم يقلدوا أحدا من الأئمة أم كانوا مقلدين؟ وهل كان من هؤلاء أحد ينتسب إلى مذهب أبي حنيفة .. ؟
فأجاب جوابا طويلا جاء في آخره: وهؤلاء كلهم يعظمون السنة، والحديث. اهـ.
ي ـ ومما يؤكد ذلك أيضا كونه تلميذا، وصاحباً لأئمة أهل السنة كأحمد، وإسحاق، والبخاري، وأبي زرعة وغيرهم، ومعلوم مكانة وشدة هؤلاء في السنة، وشدتهم على أهل البدع، حيث لم يكن لأهل البدع نصيب من مجالستهم.
ك ـ كل من ذكره، وترجم له من العلماء ابتداء من شيوخه، وحتى اليوم قد أثنوا عليه، وذكروه بأحسن الذكر، ولم يَنقل أحد منهم أنه كان مخالفا لطريقة السلف، أو متلبسا ببدعة، وحاشاه من ذلك، بل كان متابعا متأسيا بسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرحمه الله رحمة واسعة.
(٨) مذهب الإمام مسلم الفقهي:
إذا نظرت في أسماء كتب الإمام مسلم تجدها كلها تقريبا في علم الحديث وفنونه، كما هو حال أكثر أهل الحديث في ذاك الزمان، ولذا لم يتضح منهجه الفقهي تماما، إلا أنه بلا شك من أهل العلم الكبار في زمانه في الحديث والفقه، وإن لم يكن من الأئمة المجتهدين كأحمد، والبخاري، و إلا لظهر رأيه، واختياره كما ظهر رأي غيره، والناظر في كتابه الصحيح، وانتقائه الأحاديث، وحسن ترتيبه يدرك أنه من فقهاء أهل الحديث، وأنه مطلع على اختلاف الفقهاء، ولذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب ص٥٢٩: عالم بالفقه.
وذكر حاجي خليفة مسلما في كتابه كشف الظنون ١/ ٥٥٥ فقال: مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري الشافعي. وأخذه بنصه صديق خان في الحطة ص ١٩٨.
وقال الدهلوي في الإنصاف في بيان سبب الاختلاف ص٣١٤ـ المطبوع ضمن مجموعة الرسائل الكمالية رقم (٤) ـ: وأما مسلم والعباس الأصم .. فهم متفردون لمذهب الشافعي يناضلون دونه.
قلتُ: وهذا القول: فيه نظر.