للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ: المبلغ عندي وأعطني رقم حسابكم وأنا أحوله لكم وأطلقوا الشباب وسائقهم ليذهبوا إلى أهليهم!

ردَّ الضابط بقلة أدب: آسفين يا شيخ! لا بدَّ من إحضار المبلغ نقداً وإلا فلن يسافروا ولن يرجعوا!!

غضب الشيخ جدّاً من الضابط، وقال: أقول لك المبلغ عندي دعهم يذهبوا إلى أهليهم!!

رفض الضابط مرة أخرى!

أغلق الشيخ السماعة.

قال الشاب: فما هي إلا لحظات إلا والمركز ينقلب رأساً على عقب!!

ما الخطب؟؟

إنه أمير المدينة!! - الأمير عبد المجيد - اتصل يسأل عن الضابط الذي رفض طلب الشيخ وبدأ يهدد ويتوعد بالعقوبة!!

حاول الضباط وأفراد الشرطة التستر على زميلهم!!

ورأى الشباب تغير العنجهية بصورة سريعة ومذهلة! إلى رقة وأدب!

فأمرهم أمير المدينة بإطلاق الشباب وسائقهم فوراً وتصليح العمود على حساب الدولة!!

لا يتصور أحد مدى فرحة الشباب بهذا الخبر! فشكروا للشيخ جهوده ووقفته معهم وارتفعت أصواتهم بالدعاء للشيخ، وأكبروا في الأمير احترامه للعلماء وتقديره لمكانتهم في موقف لن ينساه أحد منهم ما عاش أبداً!

(ب) أما ما قاله الأخ وليد الحسين فهو:

ولقد لمستُ حرص الشيخ على طلابه منذ بداية ملازمتي له، وذلك عندما قصدت هذه البلاد المباركة - المملكة العربية السعودية - قبل ثلاث عشرة سنة، وقد صحبتُ معي القليل من المال حتى نفد، ولم يبق عندي منه شيء فصبَّرتُ نفسي، وأيقنتُ أن الله سيفرج هذا الضيق:

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ... فرجت وكنت أظن أنها لا تفرج

حتى إذا ما مضى أسابيع، وأنا أعيش هذا الضيق، فإذا بالشيخ يناديني بعد صلاة الفجر، وبيده مبلغ من المال ليس بالقليل، ويعلم الله أنني لم أشكُ له حالي، ولكنه الفرج من الله.

وبعد مدة من الزمن نفد ما عندي من المال، فخشيتُ أن أكون قد أحرجتُ الشيخ في مساعدته لي، أو يظن أنني لازمته من أجل المال، فقررتُ أن أرحل، وأجمع مالاً أتقوى به على طلب العلم، فرحلتُ إلى " الدمام " - حيث معارفي - وتركتُ رسالة للشيخ بيَّنتُ فيها سبب ارتحالي، فساءه ذلك جدّاً، وحاول أن يتعرف على عنواني، فتيسر له الحصول عليه وعلى رقم هاتفي، واتصل بي هاتفيّاً! وألزمني بالرجوع، وألحَّ عليَّ، فأجبتُه إلى طلبه وأنا في حرج، واستأنفتُ ملازمتي له.

وكان حفظه الله - والآن نقول: رحمه الله - لا يبخل عليَّ وعلى زملائي من المغتربين بالإنفاق علينا، ومتابعة أحوالنا، وتذليل الصعاب التي تواجهنا. أ. هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>