وقد عرض على الشيخ تولي القضاء من قبل مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - الذي ألح على فضيلته بتولي القضاء، بل أصدر قراره بتعيينه، فطلب منه الإعفاء، وبعد مراجعات واتصالات سمح بإعفائه من منصب القضاء.
وكان الشيخ رحمه الله متواضعاً، فعلى كبَر سنِّه وكثرة علمه، لم يمنعه ذلك من الاستفادة حتى ممن هو أقل منه سنّاً وعلماً، أو من غير أهل العلم الشرعي، ونذكر في ذلك صورتين:
الأولى: أنه لما كان يدرِّس تلامذته شرح صحيح البخاري، ذكر مسألة ما يخرج من المرأة من رحمها، وذكر أنه طاهر ويوجب الوضوء، وذكر أن ابن حزم - رحمه الله - كان من المخالفين، وقال - رحمه الله - لتلامذته:
ولكني لم أر له سلفاً في ذلك، فإن رأيتم له سلفاً فيا حبذا! .. وقال:
أنتم جزاكم الله خيراً ساعدونا!!
والثانية: حدَّث بها الشيخ عادل الكلباني فقال:
وأذكر لكم موقفاً شهدته مع فقيدنا الوالد الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - تغمده الله بواسع رحمته، وأدخله فسيح جنته - فقد كنا في زيارة له منذ أعوام جاوزت ثمانية - لم أعد أذكر - وكان عنده مجموعة من الأطباء، من بينهم الدكتور " البار "، وكان فضيلتُه يسألهم عن الدماء وأحوال المرأة في حيضها ونفاسها، وكان تلميذاً نجيباً!!، لم يدعْ مسألةً إلا سأل عنها، ثم لما فرغ، وأجابه الأطباء عن مسائله قال: إن مسألة الحيض من معضلات الفقه، والتي تشكل علينا دائماً، فأردت الاستزادة من أهل الاختصاص، حتى نفتي عن علم.
رحمك الله أيها الشيخ. أ. هـ
فلله درك يا إمام ما أعظم خلقك وما أمتن دينك، ورحمك الله من قدوة صالحة.
(٤) اهتمام محمد بن صالح العثيمين بالعالم الإسلامي رحمه الله تعالى:
كان الشيخ - رحمه الله -له اهتمام بالمسلمين في العالم، وبالمجاهدين منهم فكان رحمه الله يفتي بدفع الزكاة لهم، ويؤيدهم ويطلع على أحوالهم، ويلتقي بوفودهم.
وفي أوائل الجهاد في الشيشان كان قد خصهم بدروس - سمعتُ بعضها - في المسجد الحرام في العشر الأواخر منه، وأنهى كلمته بدعاء بليغ لأن ينصرهم الله ويثبت أقدامهم.
وله الموقف نفسه في الجهاد في البوسنة وأفغانستان وفي غيرها من بقاع العالم.
فرحمه الله ورفع درجته فما كان يشغله العلم والتعليم عن إخوانه المسلمين وأحوالهم.