ولا أدري كيف يتطاولون على العالم والكتاب والسنة طافحين بما يدل على احترام أهل العلم وتوقيرهم، ألا فليحذر طالب العلم من أن يكون سيئ الخلق ناطحاً للسحاب يترقب للعالم الهفوات ويلتمس العثرات لِيُشَهِّرَ به فإن ذلك ينقصُ من مقدار التقوى عنده مما يكون سبباً في حرمانه من العلم، بل ينبغي لطالب العلم أن يكون كريمَ الطباع حميدَ السجايا مهذبَ الأخلاق سليمَ الصدر مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر إذا تكلم غَنِم وإذا سكت سَلِم وينبغي له أن يعرف أن العالم مع جلالته وسعة علمه قد يخطأ في اجتهاده فإن لكل جوادٍ كبوة ولكل عالمٍ هَفْوَة وسبحان من له الكمال، فلا يكن خطأ العالم سبب لانتقاصك لحقه أو فرصة للنيلِ منه، وليكن نصب عينيك ومحط نظرك وقِبْلة قلبك أن العالم مثابٌ على اجتهاده سواء أصاب أم أخطأ وحسبُك حديث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثابت في الصحيحين عن عبد الله ابن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر.، ثم عليك بعد ذلك أن تترك العالم هو الذي يحكم على العالم واخرج من بين النسور ولا تناطح السحاب.
(٤) أنا أقدم هذا الكتاب كتمرين لطالب العلم على حفظ المسألة بأدلتها من الكتاب والسنة الصحيحة حتى ينشأ طالب العلم على هذا النحو وحتى يصل إلى أن يكون ذلك طبعاً له لا تكلفاً ويكون الكتاب والسنة له كالجناحين للطائر يتمسك بهما ويعض عليهما بالنواجذ، لأن ذلك سبيل النجاةِ من الضلال لقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما ثبت في صحيح الجامع عن أبى هريرة رضي الله عنه (تركتُ فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض)
ولسان حاله يقول: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا خالفت الوحيين الشريفيين الكتاب والسنة الصحيحة.