للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*] ويقول الحسن: إن كان الرجل جمع القرآن ولما يشعر به الناس، وإن كان الرجل لينفق النفقة الكثيرة ولما يشعر الناس به، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته ولم يشعر الناس به، ولقد أدركت أقواماً ما كان على الأرض من عمل يقدرون أن يعملونه في السر فيكون علانية أبداً.

لقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء ولا يسمع لهم صوت إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: ٥٥]

[*] يقول علي بن مكار البصري الزاهد: ((لأن ألقى الشيطان أحب إلي من أن ألقى فلاناً أخاف أن أتصنع له فأسقط من عين الله)) فقد كان السلف يخشون من قضية المجاملات.

[*] قال الذهبي: يقول ابن فارس عن أبي الحسن القطان: ((أصبت ببصري وأظن أني عوقبت بكثرة كلامي أثناء الرحلة)) قال الذهبي: صدق والله فإنهم كانوا مع حسن القصد وصحة النية غالباً يخافون من الكلام وإظهار المعرفة.

[*] قال هشام الدستوائي: ((والله ما أستطيع أن أقول إني ذهبت يوماً قط أطلب الحديث أريد به وجه الله عز وجل)).

[*] يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وما بين الناس)).

(ومن عجائب المخلصين ما حصل لصاحب النفق، حاصر المسلمون حصناً واشتد عليهم رمي الأعداء، فقام أحد المسلمين وحفر نفقاً فانتصر المسلمون، ولا يُعرَف من هو هذا الرجل، وأراد مَسْلَمَة أن يعرف الرجل لمكافأته، ولما لم يجده سأله بالله أن يأتيه، فأتاه طارق بليل وسأله شرطاً وهو أنه إذا أخبره من هو لا يبحث عنه بعد ذلك أبداً، فعاهده، و كان يقول: ((اللهم احشرني مع صاحب النفق)).

(وعمل الخلوة كان أحب إلى السلف من عمل الجلوة، وكان السلف يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح لا يعلم عنها زوجة ولا غيرها، امتثالاً للحديثين الآتيين:

(حديث الزبير بن العوام في صحيح الجامع أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من استطاع منكم أن يكون له خَبِءٌ من عمل صالح فليفعل.

خَِبٌِء من عمل صالح: أي من الأعمال الخفيّة التي لا يطّلع عليها أحد من الناس, خالية من الرياء, فتكون خالصة لله تبارك و تعالى مثل صلاة النافلة في جوف الليل أو صدقة السر أو أي عمل آخر من الأعمال الصالحة.

(حديث سعد ابن أبي وقاص في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>