وتذكر في المقابل تلك النفس الظالمة المعرضة عن منهج الله تعالى العاصية له، عندما يقول الله تبارك وتعالى بحقها: يا ملائكتي، خذوه فغلوه، ثم الجحيم صلوه، فقد اشتد غضبي على من قل حياؤه مني، فوقفت تلك النفس الآثمة الظالمة على نار تلظى وجحيم تغيظ وتزفر، وقد تمنت تلك النفس أن لو رجعت إلى الدنيا لتتوب إلى الله وتعمل صالحاً، لكن هيهات هيهات أن ترجع، فكبكبت على رأسها وجبينها، وهوت في تلك المهاوي المظلمة، وتقلبت بين الدركات والجحيم، والحسرات والزفرات ... فلا إله إلا الله ما أعظم الفرق بين هؤلاء وأولئك بين من كان في النعيم المقيم ومن كان في الجحيم والعذاب الأليم. وصدق الله تعالى إذ يقول: إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ [الانفطار:١٤،١٣]
(أخي الحبيب: كم من ظالمٍ تعدى وجار، فما راعى الأهل ولا الجار، بينا هو عقد الإصرار، حل به الموت فحل من حلته الأزرار فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر:٢]
(ما صحبه سوى الكفن، إلى بيت البلى والعفن، ولو رأيته وقد حلت به المحن، وشين ذلك الوجه الحسن، فلا تسأل كيف صار فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر:٢]
(أين مجالسة العالية؟ أين عيشته الصافية؟ أين لذاته الخالية؟ كم تسفى على قبره سافية!! ذهبت العين وأخفيت الآثار فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر:٢]
(تقطعت به جميع الأسباب، وهجره القرناء والأتراب، وصار فراشه الجندل والتراب، وربما فتح له في اللحد باب إلى النار فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر:٢]
(نادم بلا شك ولا خفا، باك على ما زل وهفا، يود أن صافي اللذات ما صفا، وعلم أنه كان يبني على شفا جُرِفٍ هار فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر:٢]
(أخي الحبيب:
قف قليلا وحاسب نفسك كثيراً: فإن كنت ممن يسارع في الطاعات والقربات ويتجنب المعاصي والمخالفات فاحمد الله على ذلك، واسأله الثبات حتى الممات، وهنيئا والله لك ما أنت مقدم عليه بإذن الله.