(فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) فلا يهتدي الظالم يوم القيامة بسبب ظلمه في الدنيا فربما أوقع قدمه في وهدة فهو في حفرة من حفر النار وإنما ينشأ الظلم من ظلمة القلب لأنه لو استنار بنور الهدى تجنب سبل الردى فإذا سعى المتقون بنورهم الحاصل بسبب التقوى احتوشت ظلمات ظلم الظالم فغمرته فأعمته حتى لا يغني عنه ظلمه شيئاً.
(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاةٍ و صيام و زكاة و يأتي وقد شتم هذا و قذف هذا و أكل مال هذا و سفك دم هذا و ضرب هذا فيُعطِى هذا من حسناته و هذا من حسناته فإن فنيت حسناتُه قبل أن يُقضَى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه ثم طُرح في النار.
(حديث ابن عمر في صحيح البخاري) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خُسِفَ به يوم القيامة إلى سبع أرضين.
(من أخذ من الأرض شيئاً بغير حقه خسف به) أي هوى به إلى أسفلها، أي بالأخذ غصباً لتلك الأرض المغصوبة
(حديث أبي موسى في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الله تعالى لَيملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.
(إن اللّه تعالى لَيملي) بفتح اللام الأولى أي ليمهل والإملاء الإمهال والتأخير وإطالة العمر (للظالم) زيادة في استدراجه ليطول عمره ويكثر ظلمه فيزداد عقابه {إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً} فإمهاله عين عقابه
(حتى إذا أخذه) أي أنزل به نقمته
(لم يُفلته) أي لم يفلت منه.
(والعقوق) للوالدين وإن عليا أو أحدهما أي إيذاؤهما ومخالفتهما فيما لا يخالف الشرع.
{تنبيه}: (وينبغي على المسلم إن زلت قدمه ووقع في ظلم أن يرد المظالم إلى أهلها وأن يتحلل منه اليوم قبل ألا يكون دينارٌ ولا درهم.
(حديث أبي هريرة في صحيح البخاري) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه
{تنبيه}: (ويجب عليه أيضاً إن وجد أخاً له وقع في الظلم فإن يجب عليه أن يحجزه ويمنعه من الظلم.