(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داوود) قال: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عند جويرية وكان اسمها برة فحول اسمها فخرج وهي في مصلاها ورجع وهي في مصلاها فقال لم تزالي في مصلاك هذا قالت نعم قال قد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
ثالثاً: محاسبة على أمر معتاد مباح لمَ فعله؟ هل أراد به الله أم الدار الآخرة؟ أم فاته الربح وعمله عادة؟، فتحاسب نفسك على الأمور المباحة والعادات، هل كان لك فيها نية صالحة أو ذهبت عليك؟
فالمحاسبة تولد عنده أرباح مهمة يحتاجها يوم الحساب، لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر:[أن الذي ينفق نفقة على أهله يحتسبها تكون له صدقة] كما في الحديث الآتي:
(حديث أبي مسعود الأنصاري الثابت الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(إذا أنفق الرجلُ على أهله يحتسبها فهو له صدقة)
، وأراد لفت النظر إلى أن ما ينفقه الناس على أهلهم بالعادة إذا كان فيه نية حسنة فليس خارجاً عن الصدقة بل داخل فيها وأجرها، حتى يتشجع الناس للإنفاق على أهليهم ولا يبخلوا على أولادهم، بل يحتسبون الأجر بدون إسراف ولا تقتير.
[*] قال الحسن: " المؤمن قوَّام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر على غير محاسبة ".
إن المؤمن يفاجئه الشيء ويعجبه فيقول: والله إني لأشتهيك، وإنك لمن حاجتي، ولكن والله ما من حيلة إليك، هيهات حيل بيني وبينك ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول: ما أردت إلى هذا؟! ما لي ولهذا؟ ّ والله لا أعود إلى هذا أبداً. إن المؤمنين قوم أوقفهم القرآن وحال بين هلكتهم، إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله، يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه، وفي بصره، وفي لسانه، وفي جوارحه، مأخوذ عليه في ذلك كله.
[*] قال مالك بن دينار: " رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله عز وجل، فكان لها قائداً ".