للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(رحم الله رجلاً له واعظٌ من نفسه يبكي على خطيئته ويقول: ويحي، بأي شيء لم أعص ربي، ويحي إنما عصيته بنعمته عندي، ويحي من خطيئة ذهبت شهوتها وبقيت تبعتها، عندي كتاب كتبه كتاب لم يغيبوا عني، واسوأتاه لم أستحيهم ولم أراقب ربي. ويحي نسيت ما لم ينسوا مني. ويحي غفلت ولم يغفلوا عني، ولم أستحيهم ولم أراقب. وأسوأتاه ويحي حفظوا ما ضيعت مني، ويحي طاوعت نفسي وهي لم تطاوعني، ويحي طاوعتها فيما يضرني ويضرها، ويحي إلا تطاوعني نفسي وهي لم تطاوعني، ويحي طاوعتها فيما يضرني ويضرها، ويحي ألا تطاوعني فيما ينفعها وينفعني، أريد إصلاحها وتريد أن تفسدني، ويحها إني لأنصفها وما تنصفني، أدعوها لرشدها وتدعوني لتغويني، ويحها إنها لعدو لو أنزلته تلك المنزلة مني. ويحها تريد اليوم أن تردني وغداً تخاصمني.

رب لا تسلطها علي ذلك مني، رب إن نفسي لم ترحمني فارحمني، رب إني أعذرها ولا تعذرني، إنه إن يك خيراً أخذلها وتخذلني، وإن يك شراً أحبها وتحبني، رب فعافني منها وأعفها مني، حتى لا أظلمها ولا تظلمني، وأصلحني لها وأصلحها لي، فلا أهلكها ولا تهلكني، ولا تكلني إليها ولا تكلها إلي.

ويحي كيف أنساه ولا ينساني، ويحي إنه يقص أثري فإن فررت لقيني، وإن أقمت أدركني. ويحي هل عسى أن يكون قد أظلني فمساني؟ وصبحني أو طرقني فبغتني؟ ويحي أزعم أن خطيئتي قد أقرحت قلبي، ولا يتجافى جنبي، ولا تدمع عيني ولا تسهر لي. ويحي كيف أنام على مثلها ليلي، ويحي هل ينام على مثلها مثلي، ويحي لقد خشيت أن لا يكون هذا الصدق مني؟ بل ويلي إن لم يرحمني ربي.

ويحي كيف لا تهون قوتي ولا تعطش هامتي، بل ويلي إن لم يرحمني ربي. ويحي كيف لا أنشط فيما يطفئها عني؟ بل ويلي إن ل يرحمني ربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>