للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: (مّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نّرِيدُ ثُمّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مّدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الاَخِرَةَ وَسَعَىَ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مّشْكُوراً * كُلاّ نّمِدّ هََؤُلآءِ وَهََؤُلآءِ مِنْ عَطَآءِ رَبّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبّكَ مَحْظُوراً * انظُرْ كَيْفَ فَضّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ وَلَلاَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) [الإسراء١٨ - ٢١]

فهنا بين الله سبحانه أن أهل الآخرة يتفاضلون فيها أكثر مما يتفاضل الناس في الدنيا وأن درجات الآخرة أكبر من درجات الدنيا.

واعلم أخي الكريم: أن تفاضل الجنان يشمل التفاضل بين خيراتها من أبنية وعيون وأشجار وفواكه ونساء. قال تعالى: (فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ) [الرحمن]، وبعد وصفهما قال تعالى: (وَمِن دُونِهِمَا جَنّتَانِ) [الرحمن: ٦٢]،

أي دون الجنتين الأوليتين في الخير والمقام والمنزلة.

فأما عن الفاكهة فقال في الأوليتين: (فِيهِمَا مِن كُلّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ) [الرحمن ٥٢]، فذكر أن في كل صنف من الفواكه شكلين. أما في الجنتين الأخيرتين فذكر مطلق الفاكهة من غير ذكر الزوجين فقال تعالى: (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمّانٌ) [الرحمن: ٦٨]،

وأما عن الأثاث فذكر في الأوليتين: (مُتّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنّتَيْنِ دَانٍ) [الرحمن ٥٤]،

وقال في الأخريتين: (مُتّكِئِينَ عَلَىَ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيّ حِسَانٍ) [الرحمن: ٧٦] ولا شك أن الفرش أفضل من الزخرف وأن الإستبرق أفضل من العبقري.

وهكذا الأمر في نسائهما وخضرتهما كما هو ظاهر في الآيات. وما هذا التفاضل إلا تسلية من الله لعباده الصالحين الذين تحملوا مشاق السفر في رحلة الدنيا وصبروا على ما أصابهم من ضر في سبيل الله وحده, وعاشوا بين أهليهم غرباء .. لما كانوا عليه من التمسك بالكتاب والسنة. ومما يدل على تفاضل أهل الجنة الأحاديث الآتية: (

<<  <  ج: ص:  >  >>